حوار - نورة النومان: النجاح الأجمل... ما يعود بالفائدة على الآخرين
مقدمة
هي أول كاتبة إماراتية تتناول قصص الخيال العلمي، وأول
إماراتية تفتتح مكتبا للترجمة القانونية في الشارقة. أطلقت أول دار إماراتية
متخصصة بنشر قصص الخيال العلمي والفانتازيا الموجهة للشباب تحت اسم "مخطوطة
5229".
درست اللغة الإنجليزية ثم حازت على الماجستير في الترجمة
من الجامعة الأميركية في الشارقة. مارست مهنة التدريس، ثم انتقلت إلى قسم مراقبة
الكتب والمجلات والإصدارات الإنجليزية التي ترد إلى الدولة في وزارة الإعلام.هي
نورة النومان عضوة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، صاحبة رواية أدب الخيال
العلمي ذات الأجزاء الثلاثة "أجوان" و "ماندان" و
"سَيْدونِيّة"، والتي فازت بجائزة اتصالات لكتاب الطفل عن فئة أفضل كتاب لليافعين
عن رواية "أجوان".
- ماالذي دعاك لاختيار قصص الخيال العلميميدانا لك رغم صعوبة هذا النوع من الكتابة الأدبية ؟
-
كنت أبحث لبناتي عن روايات لليافعين باللغة
العربية، فلم أجد ما يثير اهتمامهن، ولأنيلم
أقرأ منذ المراهقة إلى عمر 30 عاما سوى كتب الخيال العلمي والفانتازيا، فقد
قررت بعد تشجيع مستمر من زوجي وصديقاتي أن أكتب في هذا المجال الذي شدني.
- ما هي الأمور التي يفتقدها الأدب الروائي الإماراتي في رأيك ؟
لست مؤهلة للحكم على أدب لا أقرأه، فقد قرأت 5 روايات
فقط من باب الفضول. ولكن برأيي أنالشيء المفقود في قطاع الأدب في الإمارات هو عدم وجود
مساقاتجامعية متخصصة في أصول كتابة الأدب؛ وأعني بذلكالحاجة إلى مساقاٍ ثريٍّ
بالمعلومات المبنية على مقاييس عالمية تعلم الكاتب كيف يعد خطته للكتابة،ويحيك
الحبكة،ويصوغ مقدمة مثيرة وعقدة معقدة،و يبني الأحداث والمشاهد المنطقية متسلسلة
حتى تصل إلى الذروة،وأهمية تطور الشخصيات والحوار المقنع غير المترهل. مع التركيز
على أهمية التحرير الأدبي في قطاع النشر، ووجود مساقات خاصة به في الجامعات، فهو
السبب في المستوى الرفيع والمتميز للروايات الغربية خاصة قي أمريكا وبريطانيا. ويا حبذا لو
عقدت ورش عمل متخصصة لمن لم يحظوا بمساقات في الجامعة.
ـ هل واجهت صعوبة في الكتابة والنشر وإيجاد الفكرة؟ ومن وفر لك الدعم خلال مسيرتك؟
إن الصعوبة ليست بالأفكار ولكن في التنفيذ؛فنحن نعيش في وهم
الإلهام، بينما جُلّ ما نحتاجه للكتابة هو تخصيص الوقت والتنظيم؛ فالإلهام لن ينزل
علينا ونحن مشغولون بأمور أخرى، بل يجب التفرغ للكتابة بشكل يومي أو أسبوعي
ليزورنا الإلهام. من هذا المنطلق كان من الضروري أن أحدد لنفسي مايفترضأن أنجزه كل
يوم، وإن تعذر علي إنجاز ذلك، فسأعوض ما فاتني في نهاية الأسبوع.
أما التحدي الثاني بالنسبة لي فكان الكتابة باللغة
العربية، فأنا لا أقرأ الأدب العربي، لأن اهتماميكان منحصراً بالأدب الإنجليزي منذ
بدايتي ،فلم أكن أعرف كيف تُبنى القصة أو المشاهد أو حتى الأسلوب في الأدب العربي،
لذلك لجأت إلى محاكاة الأدب الإنجليزي.
ولقدكان لدعم زوجي و مجموعة رائعة من الصديقاتاللواتي كنت
ألجأ إليهن عند حاجتي للنقاش حول فكرة معينة الأثر الكبير في ثقتي بما أكتب وأنني
بلغت مرحلة النضج الذي يفترض أن أخوض بعده عالم الكتابة.
- من أين تستوحين أفكار ومضمون كتاباتك؟ وعلى ماذا تعتمدين في إدارة الأحداث؟
لدي ثلاثة كتب فقط حتى الآن تدور كلها حول شخصية أجوان،
لذلك فهي فكرة واحدة تقريبا، إلا أن ما يجري في المنطقة كان له تأثير على أحداث
الأجزاء الثلاثة؛فأدب الخيال العلمي يتناول القضايا الهامة التي تؤثر على حياتنا،
سواء كانت اجتماعية او اقتصادية أو سياسية.
من الضروري أن تكون لدي خطة لقصتي، وأن أعرف الشخصيات
جيدا حتى أعرف كيف أسوق الأحداث والحوار من خلالها، ولذلك عملت على إنشاء ملفات
خاصة بأشخاصي تحكي لي تاريخهم ومخاوفهم وطموحاتهم وكل شيء عنهم،وهنا تقوم الشخصيات
بتصرفات تصنع أحداثاً، وتتفوه بكلام يغير مجرى الأحداث، و الحدث يجر الذي يليه،
وهكذا حتى نصل للذروة والحل الأخير.
ـ كيف تستهدفين فئة الشباب العربي من خلال رواياتك؟ ولم ترجمتِ رواياتك إلى الإنجليزية أيضاً ؟
عندما أكتب لا أفكر في جنس أو جنسية أو لغة القارئ،ولا
حتى في كونه يافعا، بل أعتبره شخصاً بالغاً يفهم ما أقصده ويستنتج من كتابتي ما
تمليه عليه شخصيته وخلفيته الثقافية. في الحقيقة كنت أتخيل أنني أكتب لنفسيوأنا في
الخامس عشرة من العمر؛وأسأل نفسي: ما القصة التي أريد ان أقرأها؟ وأقول: إذا
استمتعت بها وفاجأتني، فلابد أن هناك من سيستمتع بها ويتفاجأ بأحداثها. أتذكر
أحداثاً جرت وفاجأتني وكانت أصابع يدي ترتجف وأنا أكتب المشهد، وأتذكر كلماتٍ
قالتها بعض الشخصيات وصدمتني لأنني لم أتوقع منها أن تقول ماقالت. لا أحب أن أحاضر
أو أفلسف رواياتي، بل أترك الشخصيات تعبر عن مشاعرها صانعة الموقف، ثم أترك الحكم
للقارئ. على سبيل المثال، أنا لم أحدد الشخصية الشريرة في القصة، بل جعلت الشخصيات
تدافع عن موقفها بنفسها، وتبرّر أفعالها معتبرةً أنها على حق،وتركت للقارئ تحديد
من هو البطل ومن هو الشرير.
مثلاًعندما كنت أكتب أجوان، كانت صديقاتيالمقربات
متحمسات لقراءتها، وعندما أنهيتها، قالت لي صديقتي الباكستانية أنها تودّ قراءتها
أيضا، فخطرت ببالي فكرة ترجمة القصة ،
وقلت لم لاأقوم بذلك وأنا أمتلك القدرة على ذلك بحكم دراستي للغة الإنجليزية
وامكانياتي وخبراتي في مجال الكتابة بالعربية؟ ، لكنني ترددت لأن ذلك يعني أن
الشباب الذي يفضل القراءة بالإنجليزية لن يقرأها بالعربية، فلم أنشرها.
- ما هي أبرز الأسباب التي دعتك لإطلاق أول دار نشر إماراتية، دار "مخطوطة 5229"؟
بسبب الصعوبات التي واجهتُها في نشر أجوان (قبل أن
تقبلها دار نهضة مصر)، تخيلت أن هناك المئات والآلاف مثلي ممن يكتبون في هذا النمط
ولا يحدون الطريق لنشر نتاجهم. لذلك أردت لـ "مخطوطة 5229" أن تتخصص فقط
في نشر روايات أدب الخيال العلمي والفانتازيا والرعب والخوارق.
ولقد تلقيت العديد من القصص والمسودات التي تحتاج إلى
تعديلات كثيرة قبل أن تغدو صالحة للنشر، لكن لمسن تشبث الكثير من الكتاب بالشكل
والمحتوى الذي صاغ فيه قصته قناعة منهم بأنها الشكل الأفضل. لهذا لجأت إلى ترجمة
بعض الأعمال الأجنبية الجيدة إلى اللغة العربية، لأوفر محتوى ليعمل الكُتّاب على محاكاته
في بناء رواياتهم. كما حاولت مرارا بيان أهمية دور المحرر الأدبي حتى لمن فازوا
بجوائز عالمية، فالمحرر يساعد الكاتب على تحسين نصه وسدّ الثغرات فيه. ولهذا لن
تقوم مخطوطة 5229 بنشر رواياتي لأنني المحرر الأدبي فيها، و لا يجوز أن أحرر كتبي
بنفسي بل شخص آخر.
- هل حظي أي من أعمالك الروائية والقصصية بفرصة التحول إلى الشكل الدرامي؟
ستقوم مؤسسة فن – الفن الإعلامي للأطفال والناشئة بالعمل
على إنتاج أجوان في 15 حلقة قصيرة بطريقة سي جي آي.
- ماذا تقولين لمن تبحث عن النجاح؟ وكيف استطعت تنظيم وقتك بين زوج وأطفال وعمل وكتابة؟
لكل منا نجاحاته، لكن النجاح الأجمل هو ذلك الذي يرتبط بالفائدة
لمن حولنا. قد أنجح في عملي وأستفيد من ترقياتي ومن الامتيازات المالية، لكن ذلك يبقى
في إطار النجاح الشخصي. أما النجاح الحقيقي فهو عندما أساعد غيري على النجاح. أنا لم
أكتب أجوان للمتعة فقط، بل أيضا لتوفير محتوى عربي لليافعين يعوض بعض عن النقص
الذي نعانيه في هذا الجانب.
أما عن تنظيم الوقت فكل شيء يبدأ بالإرادة، فإذا كان لدي
حلم، يجب أن أدعمه بإرادة وبخطة عملية لتحقيقه. وقداكتشفت أن هناك ساعات في اليوم
تضيع في أشياء غير مفيدة، مع أنها قد تكون ممتعة،فأنا أسرق الوقت لأنجز العدد
المحدد من الكلمات في اليوم؛ أكتب في الليل أو في النهار، في غرفة النوم أو في
الشرفة،أو في المقهى أو عند الكوافير. إني أؤمن أن الكتابة ليست بالطقوس بل بالعمل
المنتظم الدؤوب.
- ما هو جديد نورة النومان؟ وما هو طموحك المستقبلي؟
سأنهي
سلسلة أجوان بالكتاب الرابع بإذن الله، ثم سأبدأ في روايتين فئة الفانتازيا
لليافعين أيضا. أما طموحي للمستقبل هو أن تنشر دار"مخطوطة 5229" أعمالا
لروائيين إماراتيين وعرب في أدب الخيال العلمي والفانتازيا وغيرها من الأنماط
النادرة في الأدب العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.