الاستمطار.. تجربة إماراتية واعدة لزيادة المخزون الجوفي
مقدمة
في ظلال ما يشهده العالم من تناقص متزايد في توفر المياه الصالحة
للشرب بدأت الكثير من الدول بالعمل الجاد لإيجاد الحلول الملائمة لهذه المشكلة
التي يرى الكثير من المحللين السياسيين أنها ستكون وراء حروب و صراعات الكثير من
الدول، مثل تحلية مياه البحر، و الاستمطار،
وهو ما اعتمدته الإمارات في سياستها المائية. وقد قطعت دولة الإمارات شوطا
واسعا في مجال استمطار الغيوم، ولتسليط الضوء على هذه التجربة، كان لنا هذا اللقاء
مع الدكتور عبد الله المندوس، مدير المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل.
· هل هناك تغيرات في مناخ الإمارات الحديث عن القديم من حيث الخصوبة والجفاف؟
لا يوجد أية أدلة حتى الآن تثبت وجود
تغيرات مناخية في الدولة عن الزمن القديم، ولكن يوجد بعض التقلبات المناخية طبيعية
الحدوث. و أشارت بعض الدراسات الإحصائية أن مناخ الإمارات في العهد الحديث قد تعرض
لأيام ممطرة أكثر من السابق، لذا لا يمكننا تسمية المناخ القديم بالخصب والحديث
بالجاف.
· منذ متى بدأتم عمليات الاستمطار؟ وكيف تم تنفيذ التجربة؟
كان صاحب الفكرة هو المغفور له الشيخ زايد
بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وذلك من منطلق حرصه على زيادة المياه الجوفيةكمخزون
استراتيجي للأجيال القادمة، ولتزايد سكان الدولة إثر النهضة الصناعية والاقتصادية
في الدولة.
لذا جرت محاولات استمطار عديدة منذ التسعينات، و تمت الاستعانة بجمعٍ
من العلماء من كافة الدول، ومن بينهم: وكالة الفضاء الأمريكية(ناسا)،المركز الوطني
لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو في أمريكا، وجامعةويتووترزراندفي جنوب إفريقيا.
وقد بدأت الدولة بإجراء الأبحاث والتجارب المركزة منذ عام 2000 حتى
عام 2004،و خلصت النتائج إلى إمكانية استخدام الأملاح في عملية الاستمطارفي فصل
الصيف بسبب تكوّن السحب الرّكامية على السلسلة الجبلية في هذا الفصل من السنة.فقمنا
بدراسة الغلاف الجوي من الناحية الكيميائية والفيزيائية، ودراسة تركيبات السحب وأنواعها
الأكثر ملائمة لعمليات الاستمطار، وتحديد المواد الأكثر فاعلية لإنجاح عمليات الاستمطار
لزيادة المحصول السنوي من مياه الأمطار. ثم قام بعدها المركز ببنيته التحتية
وبخبراته التي يمتلكها من المختصين والكفاءات العالية بتولي مشروع الاستمطار بشكل
منفرد وخاص، حتى جاء برنامج علوم الاستمطار الذي جذب العلماء من مختلف التخصصات
للتباحث في القضايا المتعلقة في تحسين الأمطار مع مجموعة كبرى عالمية على مستوى
قوي من مختلف أرجاء العالم.وقدأحيت الإمارات من خلال هذا البرنامج العلمي التنافسي
هذا العلم من خلال تقديم المنح و الجوائز، فهو علم يخدم الأمة على المستوى الخاص و
يصب في المصلحة العامة لكل الدول التي تعاني من شُحّ المصادر الطبيعة للمياه.
· ما هي أفضل الأماكن للقيام بعمليات الاستمطار ولماذا؟
أفضل الأماكن للقيام بعمليات الاستمطار هي تلك
السلسلة الجبلية الواقعة في الشمال والشمال الشرقي من الدولة والمتاخمة لحدود
سلطنة عمان. وذلك بسبب اصطدام الهواء المشبع ببخار الماء القادم من بحر عمان (الرياح
الشرقية) - (الرّوايح)باللهجة الإماراتية - بالسلسلة الجبلية هناك مما يؤدي إلى
ارتفاعها للأعلى، فتتعرض للتغير الحراري فتنخفض حرارتها،فيتكاثف بخار الماءمشكلاً
السّحب المحتوية على مياه الأمطار.
وبسبب تكرار تساقط الأمطار وجريان الأودية
في تلك المناطق تم بناء السدود و إعادة تنظيمها من قبل الدولة للعمل على توفير
مخزون جيد للمياه.
· أعطنا فكرة عن عملية الاستمطار؟
الاستمطار هو
أحد أساليب التعديل المتعمدللطقس، عن طريق نثر أنواع معينة من أملاحكلوريدات(الصوديوم،
و الكالسيوم،و البوتاسيوم) داخل السحب بطريقة معينة وبأسلوب خاص ودقيق، لزيادة حجم
قطرات الماء داخل السحابة التي غالبا ما تكون من النوع الرّكامي، مما يؤدي إلى
زيادة هطول الأمطار و إطالة فترة عمر السحابة.
أما الطريقة المستخدمة
في عمليات الاستمطار هي الطائرات التيتقوم ببذر ورش الأملاح داخل السحابة، وتقوم
الطائرة بهذا الإجراء بعد التصريح الصادر من منفذ ومراقب عمليات الاستمطار، الذي
يراقب السحب ومراحل تطورها عن كثب باستخدام الأقمار الصناعية، وشبكة رادارات
المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل الخاصة بتفاصيل السحب.
أما الطرق المتبعة في تلقيح السحب هي:
-
تلقيح السحب من قاعدتها حيث يتوفر رياح
عمودية صاعدة ذات قوة محددة، وهنا يتم استخدام الأملاح المذكورة سابقا.
-
و تلقيح السحب في الطبقة الباردة، التي
عادة تكون ما بين (5 -8) درجات مئوية تحت الصفر، و تُجرى عادةً في أيام الصيف عند
ارتفاع 18 الف قدم تقريبا، ويتم فيها استخدام أيوديد الفضة، و هي طريقةغير مستخدمة
في الإمارات لسمية هذا الملح.
· ما هي أحدث التقنيات المستخدمة في عمليات الاستمطار التي بدأتم تعملون بها؟
نعمل جاهدين في
المركز الوطني للتوصل إلى أفضل الطرق في عمليات الاستمطار؛ سواء كانت هذه الطرق بتجديد
أنواع المواد المستخدمة، أو بالوصول إلى أساليب وطرق متطورة في معالجة السحب.من
هذا المنطلق فاز مشروع الاستمطار القائم على تقنية النانو في برنامج علوم
الاستمطار الذي يهدف إلى تشجيع البحث وإجراء دراسات فعالة تضمن تحسين هطول
الأمطار.
وتتلخص فكرة
الاستمطار بتقنية النانو باستخدام مواد تلقيح نانوية الحجم (جزء من مليون جزء من
الملمتر)، وذات مبدأ فيزيائي يختلف نسبيا في طريقة تحسين حجم قطرات الماء داخل
السحب.
· ما هوتأثير الأملاح المستخدمة في عمليات الاستمطار على التربة والمياه على المدى البعيد؟
ليس هناك أية
أعراض جانبية أو أضرار على التربة والبيئة وبالتالي الإنسان، لأن ما يتم استخدامه
في عمليات الاستمطار عبارة عن مواد موجودة بالأصل في الطبيعة المحيطة بنا، وهي
أملاح أساسية في تكوين جسم الإنسان والكائنات الحية، كما أن الكميات المستخدمة منها
لا تكاد تذكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.