إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

الزراعة المائية في الإمارات.. غذاء صحي وأمن غذائي



تقنية قديمة وجديدة في الوقت نفسه ظهرت منذ القرن السادس عشر.بدأت بطرقٍ بدائية، ثمتمّ استحداثها في عصرنا بطرقٍ وأجهزة جديدة لسدّ قصور الزراعة التقليدية في توفير احتياجات المُزارِع، وعدم ملاءمتها للتغيّرات البيئيّة ومواكبة التطور والاحتياجات المتزايدة للغذاء، حتى أنه تم الاتجاه نحو استخدامها في حدائق المنزل.فما هي الزراعة المائية؟ وكيف تسدّ نواقص الطرق التقليدية؟ و أين وصلت هذه التقنية في دولة الإمارات؟ وما الجديد في هذا المجال؟ 


مركز خدمات المزارعين:
عرّف مركز خدمات المزارعين بأبوظبي الزراعة المائية بأنها إنتاج المحاصيل بدون تربةداخل البيوت المحمية أو الحقول المكشوفة بوجود وسط زراعي (بيئة خاملة مثل الحصى أو الرمل) أو بعدم وجوده -مباشرة في الماء- بتقنية تسمى (nutrient film technique)،باستخدام أنظمة ريّ لتزويد النباتات بكامل احتياجاتها من ماء ومحاليل مغذيّة تحوي جميع العناصر الأساسية التي يحتاجها النبات. وهذه الأنظمة نوعان: الأول مفتوح؛ يعمل على إعادة تدوير المحاليل المغذية،والثاني مغلق؛يتخلص من المحاليل بعد كل عملية ريّ.والزراعة المائية بدأت كبديل للزراعة التقليدية في التربة لأسباب تجارية، بهدف إنتاج محاصيل ذات قيمة اقتصادية عالية من حيثالكمية والنوعية في مساحة أقل مثل: إنتاج الخس وأزهار القطف والطماطم والخيار والفلفل الحار والحلو والفراولة والورقيّات بشكل عام.

وأشاد المركز بإيجابيات تقنية الزراعة المائية المطبقة في 90 مزرعة في إمارة أبوظبي، والتي تكمنفي زراعة المحصول نفسه على مدار السنة، والتحكم في البيئة الزراعية من درجة حموضة وحرارة ورطوبةوتركيز المغذيات.. الخ، والتقليل من استخدام المياه والأسمدة وإمكانية إعادة استخدامها،وسهولة التخلص من الآفات والأمراض بسبب الرقابة الدائمة مما يخفض استخدام المبيدات أو الاستغناء عنها، و بالتالي الحصول على منتجات متنوعة عالية الجودة بكميات كبيرة ضمن مساحة صغيرة قد لا تصلح للزراعة أصلا، وبالتالي غذاء صحي آمن خال من الملوثات محققا للأمن الغذائي. ولَفَتَالمركز أن سلبياتهافي ندرة المياه ونوعيتها، والتكلفة العالية للنظام، و الموت السريع للنبات عند حصول أي فشل للنظام أو إصابتها بالأمراض كالذبول بسبب الرطوبة العالية، لكن يمكن تلافي هذه السلبيات عن طريق استخدام أنظمة ري احتياطية و استخدام الطاقة الشمسية للتقليل من التكلفة.
ولخّص المركز احتياجات المشروعالتجاري القائم على هذه التقنية بالدعم المالي والإداري والفني وتدريب كوادر عاملة في قطاع الزراعة، والاهتمام بالوسائل الترويجية.

صندوق خليفة لتطوير المشاريع:
يقوم صندوق خليفة لتطوير المشاريع بالتعاون مع مركز خدمات المزارعين بتقديم الدعم المالي والفني للمشاريع القائمة على استخدام تقنية الزراعة المائية، وتقديم التدريب اللازم على الأمور الإدارية والفنية، و كان نِتاج المشاريع التي تم دعمها ناجح بامتياز. و برنامج "زرعي"هو إحدى ثمار ذاك الدعم.و هو يختص بتقديم قروض مالية لأصحاب المزارع لإنشاء بيوت بلاستيكية حديثة تعمل بنظام الزراعة المائية، وتقديم الدعم الفني لها.
وقد قام صندوق خليفة بالتعاون مع مركز خدمات المزارعين بحملات توعوية سبقت المشروع لاطلاع أصحاب المزارع على التفاصيل ليتقدم منهم المُهتمّ للحصول على الدعم، وبعد التأكد من استيفاء المَزارع للمتطلبات الفنية والإدارية، تمّ عقد دورات تدريبة لهم على المشروع وإدارته، ثم يقوم صاحب المزرعة باختيار إحدى الشركات المقاولة المعتمدة للتنفيذ،ويتم مراقبة جميع المراحل وتقديم الدعم اللازم ثم المساعدة في تسويق المنتجات،حيث تباع منتجات هذه الزراعة بأسعار أعلى من المنتجات التقليدية نظرا للجودة العالية للمنتج، والتي تضاهي بل وتتفوق على المنتجات الأوروبية.ففي مزرعة عبد الرحمن الظاهري في منطقة الظاهرة، ومن خلال برنامج "زرعي" أدخل نظام الزراعة المائية لمزرعته، ثم تم دعمه من خلال برنامج آخر للحصول على شهادة تؤهل مزرعته لتسويق منتجاتها في الدول الأوروبية.

المهندسة فاطمة الكلباني مدير إدارة الصحة والتنمية الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة
بدأت الزراعة بدون تربة (المائية جزء منها) في الإمارات منذ أواخر التسعينات، ثم ازداد الاهتمام فيها من قبل القطاعين العام والخاص.وفيعام 2007،بدأت وزارة التغير المناخي والبيئة بالاهتمام في أبحاث تختص بهذه الزراعة وتطويرهابتوجيهات من صاحِبَيّ السّموالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة،حفظه الله ، و الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.وفي عام 2009، أصبحت الزراعة بدون تربة تقنية زراعية معتمدة من قبل الوزارة، إذ انتشرت بشكل واسع بين المزارعين في الدولة. ولم تقتصر على انتاج الخضروات و الأعلاف، بلشملتإنتاج الثمار أيضا. وبلغ عدد البيوت المحمية في المناطق الشمالية والشرقية حوالي 1000 بيت، بينما زاد عن 3500 بيت في المنطقة الغربية.
و أطلقت الوزارة عدة مبادرات للزراعة بدون تربة؛منها مبادرة "إنتاجنا" عام 2014،  وتم إطلاق صفحة "الزراعة بدون تربة" على موقع "المرشد الزراعي" الالكتروني،كما نفذت الوزارة برامج تدريبية متكاملة لتدريب المزارعين والمهندسين والمرشدين الزراعيين على أساسيات الزراعة المائية وكيفية تطبيقها، وتضمنت البرامج متطلبات إنشاء مشاريع الزراعة المائية وكيفية إدارتها. وساهمت الوزارة بدفع قيمة 50% من تكاليف مدخلات الإنتاج من بذور ومبيدات وأسمدة وعلاجات وبعض متطلبات الإنتاج من أجهزة ومعدات للزراعة بدون تربة كالأوساط الزراعية وأوعية الزراعة.
طبقت الزراعة المائية في الدولة كمشاريع كبيرة دون صعوبات تذكر، وتعتبر من المشاريع الأساسية و الناجحة والأساسية في الإمارات، وجُلّ ما يحتاجه الشخص للبدء بهذه التقنية هو تعديل بسيط في البيوت المحمية التقليدية بالإضافة إلى الخبرة في هذا المجال، التي تقدم من قبل المرشدين الزراعيين في الوزارة .

تجربة تجارية ناجحة:
قال رودي أزّاتو، المختص بالزراعة المائية و المدير التسويقي لـ "مزارع الإمارات المائية للخضار" إحدى شركات RMB Group: راودتنا فكرة مشروع الزراعة المائية من باب تقديم تقنية زراعية جديدة ذات فوائد جمة؛ كتقليل استهلاك المياه بإعادة تدوير المياه والمواد الغذائية بنسبة 80-90% عند زراعة الخس و 50% عند زراعة الطماطم،كما تسمح بإنتاج المزيد من الكيلوغرامات في المتر المربع الواحد بالمقارنة مع الزراعة التقليدية، والحصول على نوعية أفضل من الخضراوات من خلال التقليل أو الاستغناء عن المبيدات، و التوفير في المساحة والكادر المستخدم وسرعة وصوله إلى السوق الاستهلاكي دون المرور بمرحلة التخزين التي تفقد الخضراوات قيمتها الغذائية. في حينأن سلبيات هذه التقنية تنصب في التكلفة المبدئية العالية للبنية الأساسية لتأسيس الزراعة المائية، كذلك إذا لم يتم تأسيس المشروع بشكل صحيح باستخدام وحدات الترشيح ونظم التبريد والتدفئة، وتصميم النموذج ...الخ عندها هناك احتمالية كبيرة أن يعاني المشروع من خسارة في أسهمه المالية.
وأضاف أزّاتو: بدأنا المشروع في عام 2005، واستغرقنا بعض الوقت في تعريف الجمهور و تجار الجملة عن ماهية الزراعة المائية، وبداية من عام 2010 بدأنا بشكل دوري بإرسال عينات من إنتاج شركتنالمختبرات الحكومة ومختبراتنا الخاصة لفحصها وحيث تم التأكد من خلوها من بكتيريا E-coli والمبيدات الحشرية. والآن دخلنا في السنة الحادية عشرة، محققين توسّعاً يصل إلى20 ألف متر مربع، و أصبحت شركتنا قدوةً للآخرين المهتمين بتأسيس مشروع الزراعة المائيةونتطلع للأفضل.


رؤية جديدة:
د. إبراهيم بلال، الأستاذ المشارك في كلية الأغذية و الزراعة في جامعة الإمارات، حدثنا عن أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال: إنني متخصص في تغذية الأسماك، فقررت استخدام تقنية الزراعة المائية المطبقة في الإمارات منذ فترة كزراعة مشتركة بين الأسماك والنباتات؛ حيث أقوم باستخدام مخلفات الأسماك الذائبة في الماء والمعالجة بيولوجيا كسماد للنباتات.

واستطرد قائلا: إن ميزات هذه الزراعة المشتركة هو استخدام كميات قليلة من المياه قد تصل إلى 90% أقل من تلك المستخدمة في الزراعة التقليدية أو الزراعة المائية لوحدها، وعدم استخدام أي نوع من المبيدات، أو الأسمدة. وأضاف قائلا: كان الهدف من هذا المشروع هو توفير المعلومات اللازمة لإنشاء مشاريع تجارية مماثلة في الإمارات، حيث تفتقر الإمارات لمصادر مياه كافية للزراعة. وتكمن سيئات هذا المشروع في احتياج المستثمرين في هذه التقنية للتدريب، و لميزانية مرتفعة عند التأسيس، لكنه مشروع ناجح و مُجدٍ اقتصاديا على المدى البعيد،حيث أنه يتماشى مع البيئة المناخية للإمارات



9:57 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة