إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 31 يناير 2017

التدخين والنيكوتين - وقفة تأمل






اليوم حينما تقرأون هذا المقال لن تجدوا كلمة ممنوع التدخين، أو التدخين حرام، أو امتنع عن التدخين وإلا فستموت أو ستعاني من مشاكل خطيرة، لكني اليوم سأخاطب عقولكم بمقال مليء بالمعلومات والتفاصيل، مقال علمي خال من النصائح، ليكون لكم بمثابة وقفة تأمل وإعادة حسابات.

التبغ:
سأبدأ حديثي عن التبغ، فالسيجارة والسيجار والغليون (Pipe) وحتى النرجيلة يشتركون جميعا باحتوائهم على التبغ (tobacco) كمادة أساسية، وهو مادة طبيعية عبارة عن أوراق نبات التبغ المجففة؛ نيكوشيانا تاباكم (Nicotiana tabacum). ويتكون التبغ من أكثر من أربعة آلاف مركب كيميائي، منها  تسعة عشرة مادة كيميائية معروفة، وقد عرف عنها أنها من الممكن أن تتسبب بمرض السرطان، وأهم هذه المواد هما القطران والنيكوتين.

النيكوتين:
أما النيكوتين فهو مركب كيميائي اشتق اسمه من اسم نبتة التبغ باللغة اللاتينية، نيكوشيانا تاباكم (Nicotiana tabacum). لكن ذلك لا يعني تواجد النيكوتين فقط في نبتة التبغ، فقد وجد أنه مركب أساسي التواجد في نباتات العائلة الباذنجانية (Solanaceae)؛ أي في نباتات الطماطم والباذنجان والتبغ والفلفل والبطاطا. وقد تم عزل النيكوتين لأول مرة من نبات التبغ في عام 1828 على يد طبيب وكيميائي ألمانيين وقد اعتبروه مركبا ساما آنذاك، وقد أثبتت الدراسات العملية ذلك فيما بعد بأن النيكوتين هو أحد المركبات الكيميائية القلوية التي لها تأثير قوي على الجهاز العصبي اللاودي.

والنيكوتين مادة زيتية شفافة يصفر لونها حين تعرضها للضوء والهواء، وذات طعم حارق، وماصة للرطوبة، وتذوب في المذيبات العضوية؛ كالكحول والبترول، وغير قابلة للمزج مع الماء بما أنها مادة زيتية، لكن يمكنه الذوبان في الماء عند خلطه مع الأحماض الصلبة حيث ينتج عن تفاعله مع الأحماض أملاح قابلة للذوبان في الماء. وهو مركب نيتروجيني قاعدي يتكون من حلقتين؛ حلقة سداسية عبارة عن بايريدين (Pyridine)، وحلقة خماسية عبارة عن بايروليدين (Pyrolidine). ويمكن اشتقاق مركبات مهمة من مركب النيكوتين مثل: أكسيد النيكوتين (nicotine oxide) وحامض النيكوتين وهو مركب فيتامين ب3 (nicotinic acid (vitamin B3)) والمثيل أمين (methylamine) وهو مركب يستخدم في المبيدات الحشرية ومركب الكوتينين (Cotinine) وهو مضاد اكتئاب، ويتم استخدام الكوتينين كعلامة حيوية لتمييز المدخنين، حيث ينتج عن أيض النيكوتين في الكبد.

يتم صنع مادة النيكوتين في جذور النباتات ومن ثم يتم نقله إلى الأوراق ليتراكم فيها ويزداد تركيزه، لهذا السبب يتم استخدام أوراق التبغ في صنع السجائر وليس أي جزء آخر من النبتة، و يتم إنتاج النيكوتين في النباتات كوسيلة دفاعية ضد الحشرات وضد الحيوانات آكلة العشب، ومن هذا المنطلق فقد تم استخدام النيكوتين قديما كمضاد للحشرات بسبب تأثيره السام على الجهاز العصبي المركزي للحشرات. أيضا يؤثر النيكوتين بطريقة سامة على الجهاز العصبي للثديات آكلة الأعشاب، حيث تم اكتشاف تأثيره المنبه للجهاز العصبي في الحيوانات الثدية.

يتم امتصاص النيكوتين بسرعة كبيرة في جسم الإنسان بأي طريقة تناوله بها؛ سواء عبر الجلد أو بالإستنشاق أو الأكل، و يمكن أن يتسبب التبغ و النيكوتين بالإدمان تماما كالكحول والمخدرات (كالكوكائين والمورفين) بغض النظر عن طريقة تناوله. وتتم عملية أيضه في الكبد، ويتأثر استقلابه في الجسم بالعوامل التالية: النظام الغذائي، والوجبات، والعمر، والجنس (ذكر أو أنثى)، والعرق (أصول الشخص؛ آسيوي، أو قوقازي، أو إفريقي ...الخ)، واستخدام المستحضرات التي تحتوي هرمون الأستروجين، والحمل والإصابة باعتلالات الكلى، والتدخين بحد ذاته (نوعه وكميته ..الخ).

أعراض تناول النيكوتين:
للنيكوتين تأثيرات كثيرة على جسم الإنسان والتي قد تكون خطيرة أحيانا، ويعتمد ذلك في الحقيقة على عدة عوامل: جرعة التدخين اليومية ومدة التدخين ونوع السيجارة وظروف أخرى مثل طريقة استنشاق الدخان. فقد ينتج عن النيكوتين طيف واسع من التغيرات النفسية والسلوكية مثل النشاط الطفيف والبهجة والاسترخاء وتخفيف القلق إلى الكُمون والخمول. لكن تأثير التدخين والنيكوتين لا يقف عند هذا الحد، بل يتسبب بأعراض وتأثيرات أكثر أهمية، من هذه الأعراض على سبيل المثال لا الحصر:
·         تعزيز المزاج، تخفيف الإكتئاب إذا كان ضعيفا.
·     ضعف الشهية، وزيادة نشاط الأمعاء حيث يعمل على زيادة التقلصات العضلية على طول القناة الهضمية، وزيادة إفراز العصارة الهضمية والأنزيمات الهاضمة في المعدة، وزيادة إفراز اللعاب وضعف اللثة والتهابات في اللسان والشفاه.
·         التسبب بالتعرق والإسهال والغثيان واضطراب في النوم، والسعال وتعب في التنفس وتكون البلغم.
·         زيادة ضربات القلب بمعدل 10-20 ضربة في الدقيقة الواحدة، وزيادة ضغط الدم بمعدل 5-10 ملم زئبق.
·         تحفيز الذاكرة والإنتباه، فالنيكوتين منبه للجهاز العصبي اللاودي، فيزيد من إفراز هرموني الأدرينالين والكورتيزون.
·     ظهور العديد من الأمراض الخطيرة كمرض كرون (Crohn's disease) وهو نوع من أنواع التهابات القناة الهضمية، ومقاومة الأنسولين والسكري بسبب نقص إفراز هرمون الانسولين، والقرح الفموية والسرطانات.
·         زيادة معدلات الألم بعد إجراء العمليات الجراحية، لذا فإن المدخنين يحتاجون المسكنات بعد العمليات الجراحية بنسبة تفوق غير المدخنين.
·         حرمان الجسم من 15% من من هيموغلوبين الدم بسبب ارتباطه بأول أكسيد الكربون الناتج احتراق التبغ.
·     التسبب بلزوجة الدم وارتفاع نسب الكولسترول والدهون في الدم بسبب أول أكسد الكربون، مما يساعد بشكل كبير في حدوث تصلب الشرايين، وحدوث تجلطات دموية، وتضيق الشرايين، مما يعمل على زيادة حدة السكتة القلبية، فذلك أمر يرتبط بالتنفس والدورة الدموية والقلب وتغذية الجسم وتخليصه من الفضلات وأيضا بالخصوبة عند الرجل والمرأة.
·     تقليل أعداد الحيوانات المنوية عند الرجال المدخنين والتسبب بضعفها (حركتها وحيويتها ونشاطها وتشويه شكلها) مما يؤدي إلى قلة الخصوبة وأحيانا إلى العقم.
·         التسبب بحدوث ضعف جنسي لدى الرجال والنساء حيث يضعف قوى الأعضاء التناسلية لديهم.
·         التأثير على الحمل والجنين إما بتشويه الجنين أو إجهاضه أو ولادته مبكرا.
·     تحفيز سرطاني للخلايا البطانية الرئوية (Epithelial) عن طريق تحويلها إلى شكل الخلايا العصبية (أي تتحول من شكل المربع إلى شكل الشبكة) بتحفيز نمو أقدام خيطية كاذبة للخلايا الطلائية، وتحفيز سرطاني لخلايا المثانة.
·         تحفيز تكوين الأوعية الدموية بين الخلايا السرطانية.
·         دعم الخلايا السرطانية ضد العلاج الكيميائي بتوفير طرق نجاة لها.
·     الإدمان عليه بشكل كبير قد يصل إلى مرحلة الجنون، وهو الأمر الذي يقود إلى جميع ما تم ذكره من أعراض بسبب التدخين المتواصل بجرعات عالية.

قد يعتقد البعض أن بعض هذه العوارض مفيدة لهم وأنها صحية وعادية، كضعف الشهية وعلاج الإكتئاب، لكن على العكس تماما؛ فإن زيادة ضربات القلب و ارتفاع ضغط الدم من الآثار الخطيرة للتدخين والنيكوتين، كما أن كثرة التدخين يعمل على تحفيز الجسم بشكل دائم وعدم استطاعته أخذ استراحة، مما يؤدي إلى دخول الشخص المدخن في حالة اضطراب نفسي وقلق وتوتر يؤثر على أدائه الحيوي والإجتماعي.

يحدث الإدمان على التدخين خلال أيام قليلة فقط، فالنيكوتين هو أصل التسبب بالإدمان، وإدمانه يفوق إدمان المخدرات والكحول، كما أن التدخين في عمر المراهقة يتسبب باستمرار الإدمان على التدخين لفترة طويلة قد تستنفذ عمر المدخن كله.

أما تسبب التدخين بالموت فهو أمر مفروغ منه، فهو مادة سامة بالأصل، حيث أن جرعة 60 ملغم من النيكوتين كافية لقتل شخص غير معتاد عليه، كما أن قطرات بسيطة من النيكوتين الصافي (200-300 مايكروليتر) قد تكفي لقتل شخص بالغ، ولو افترضنا وجود ألف شاب مدخن في سن العشرين يدخنون في نفس الوقت ونفس الظروف، سيموت منهم خمسمائة شخص في المستقبل بسبب التدخين وتعرضهم للمواد السامة الموجودة في التبغ والمواد المضافة إليه. ويسبق الموت بسبب جرعة زائدة من النيكوتين أعراضا شديدة، مثل: سيلان اللعاب بكثرة، وألم حاد في البطن، وتعرق شديد، وصداع ودوران، هبوط حاد في ضغط الدم وصعوبة في التنفس.

آلية عمل النيكوتين:

تحتوي السيجارة الواحدة على 1.0 إلى 1.8 ملغم من النيكوتين، ومع كل نفس تأخذه من السيجارة يتدفق النيكوتين والمواد الخطيرة الأخرى عبر الفم إلى القصبات الهوائية ثم إلى الرئتين حيث يتم امتصاص النيكوتين بشكل سريع في الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي (حيث يؤدي ذلك إلى حدوث التهابات في الأغشية المخاطية وإذا ما تطورت الأمور فإن السرطان سيظهر في مكان ما في الفم أو الجهاز التنفسي) وأيضا يتم امتصاصه في الرئتين ونقله إلى الدم عبر الشعيرات الدموية، فيصبح تركيز النيكوتين في الدم فورا بعد التدخين 100-1000 مايكرو مولار، و 0.2-1.0 مللي مولار في الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، وجلّ ما يحتاجه النيكوتين ليصل إلى الدماغ ثمان ثوان فقط.

تكمن آلية عمل النيكوتين بشكل رئيسي بارتباطه بمستقبلات خاصة توجد على أسطح الخلايا تسمى (Nicotine Cholinergic Receptors, "NCR") ، الأمر الذي يؤثر على إفراز النواقل العصبية مثل الأسيتيل كولين، و الدوبامين، و النور إبينيفرين، و السيروتونين، و الجابا، و الغلوتاميت من خلال طرق عديدة. ويتلخص عمل هذه المستقبلات في: تنظيم تكاثر الخلايا، وتكوين الأوعية الدموية، وموت الخلايا المبرمج، وهجرة الخلايا، والغزو والإفراز. أما سبب ارتباط النيكوتين بهذه المستقبلات وهو مادة غريبة عن الجسم، فهو لأن النيكوتين لديه نفس الشكل الكيميائي الفراغي لمركب الأسيتيل كولين (acetylcholine) وهو الناقل العصبي الذي ينقل الرسائل بين خلايا الدماغ الطبيعية، فإن النيكوتين قادر على الإرتباط مع مستقبلات الناقل العصبي بدلا من الأسيتيل كولين (بواسطة نظرية القفل والمفتاح التي يتم تطبيقها على ارتباط المواد في الجسم مع مستقبلاتها، فلا تستطيع أي مادة الارتباط إلا بالمستقبل المخصص لها والمكمل لشكلها، تماما كما يحدث حين ندخل المفتاح في القفل، فلا يفتح القفل إلا المفتاح ذو الشكل المتمم لشكل القفل من الداخل).

ويؤدي ارتباط النيكوتين بالمستقبلات بدلا من الأسيتيل كولين إلى حدوث تغيرات سريعة و هامة في الدماغ والجسم، منها: رفع ضغط الدم وارتفاع نبضات القلب وسرعة التنفس. أيضا يعمل ارتباط النيكوتين بالمستقبلات (NCR) على تحفيز مستقبلات أخرى تسمى (Epidermal Growth Factor Receptor, "EGF") الأمر الذي يؤدي إلى تغيرات شكلية في الخلايا الطلائية المبطنة للرئتين، فتتحول الخلايا الطلائية ذات الشكل المحدد والمتراصة والمتماسكة مع بعضها إلى خلايا عصبية ذات أقدام خيطية تبتعد عن بعضها من خلال آلية معقدة على مستوى الخلايا والجزيئات، وهذا ما يسمى بالسرطان.

أيضا بسبب محاكاة النيكوتين للشكل الفراغي لمادة الأسيتيل كولين فذلك يخوله للإرتباط بمستقبلات الأستيل كولين المسؤولة عن إطلاق الدوبامين (Dopamine) وهو ناقل عصبيي يطلقه الجسم بشكل طبيعي عندما يختبر الشخص شعورا ممتعا إما بتناول الشخص طعام جيد، أو عند قيامه بنشاطه المفضل، أو عندما يكون برفقة شخص آخر يحبه، لكن ما يفعله النيكوتين هو جعل العصبونات تطلق جرعة زائدة من الدوبامين، الأمر الذي يؤدي إلى إحساس المدخن بالسعادة والمتعة. هذه المتعة لا تعدو عن كونها متعة مؤقتة سريعة الزوال، مما يدفع المدخن برغبة مُلِحَّة إلى إحراق سيجارة أخرى للحصول على جرعة أخرى ولحظات أخرى من المتعة. والأمر الذي يعزز زيادة الدوبامين في الجسم هو تسبب النيكوتين عند المدخنين بإحداث هبوط هام في مستوى أنزيم (monoamine oxidase) في الدماغ والجسم، (وهو الأنزيم المسؤول عن تحطيم مادة الدوبامين)، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مستوى الدوبامين في الجسم، وهو سبب آخر يقود إلى الإدمان على التدخين للحصول على المتعة المؤقتة التي يولدها الدوبامين. كما لوحظ أيضا أن مادة الأسيت ألديهايد (acetaldehyde) الموجودة في التبغ تعمل على زيادة تعزيز خصائص النيكوتين في أجساد المراهقين مما يتسبب بإدمانهم على التبغ أكثر من البالغين.

الإقلاع عن التدخين:
إن كنت قد استطعت التأثير بك أيها القارئ وكنت من المدخنين وفكرت بالإقلاع عن التدخين، أو إن كان لديك شخصا عزيزا عليك وأردت مساعدته على الإقلاع عن التدخين فعليك معرفة الآتي: الطريقة الجيدة والمناسبة للإقلاع عن التدخين، و الأعراض التي سيمر بها المدخن خلال مرحلة الإقلاع عن التدخين، وتجنب البدائل التجارية للمساعدة على الإقلاع.

1. كيفية الإقلاع عن التدخين:
            الطريقة الفضلى للإقلاع عن التدخين تبدأ أولا وآخرا بقرار، أجل بقرار وعهد تلتزم به مع نفسك على الإقلاع عن التدخين، ثم تبدأ بتقليل عدد السجائر، واستخدام السجائر ذات محتوى نيكوتين أقل، وذلك بشكل تدريجي حتى تصل إلى الرقم صفر. وخلال هذه المرحلة يجب العمل على تنقية الجسم من النيكوتين والقطران والمواد الأخرى التي تم استنشاقها بالتدخين، وذلك من خلال اتباع نظام صحي صحيح بالقيام بالمشي السريع يوميا لمدة ربع ساعة فنصف ساعة حتى تصل إلى ساعة كاملة، فالمشي يعمل على تنشيط الدورة الدموية وبالتالي التخلص من السموم الموجودة في الدم والكبد والكليتين. بالإضافة إلى الرياضة يجب شرب كمية وافرة من المياه يوميا، خصوصا في الصباح قبل الإفطار للتخلص من السموم العالقة في خلايا الجسم، بالإضافة إلى نظام غذائي يحوي على كمية كبيرة من مضادات الأكسدة (البولي فينولات والفلافونويدات التي تكلمنا عنها في العدد 76) والتي نجدها في التوت والفراولة والعنب والتفاح، ومن المفضل التنويع في ألوان الفواكه، حيث يدل كل لون على محتوى خاص ومفيد لعضو معين في الجسم. بالإضافة إلى ما ذكرته، من المفضل الذهاب إلى طبيب مختص بالحجامة، وعمل الحجامة في الأيام 17 و19 و21 من كل شهر عربي (وهي الأيام المفضلة ولكنها ليست على سبيل الحصر)، حيث يساعد ذلك على التخلص من السموم والدم الفاسد، وتحفيز الجسم على إنتاج خلايا دموية جديدة.

2. أعراض الإقلاع عن التدخين:
أعراض انسحاب النيكوتين من الجسم تظهر خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد آخر عملية تدخين، وأعتقد بأن ذلك يتجلى على المدخن خلال الصيام في شهر رمضان المبارك. وتظهر هذه الأعراض بشكل أكبر عند الأشخاص الذين يدخنون أعدادا أكبر من السجائر كل يوم، كما تظهر على الذين ينتقلون إلى تدخين السجائر ذات النيكوتين الأقل، أو عند تخفيض عدد السجائر المتناول يوميا، لكن لا تكون شدة الأعراض عند التخفيف كما في الإمتناع الكلي وخصوصا المفاجئ. تظهر أعراض انسحاب النيكوتين على الذين  قرروا الإقلاع عنه لتبلغ ذروتها خلال يومين إلى ثلاث أيام على الأغلب. أما الأعراض الشائعة فهي:
·         الرغبة الشديدة بالنيكوتين
·         القلق والإحباط والاكتئاب
·         الخمول وصعوبة في النوم والكوابيس
·         الشعور بالتوتر الدائم وضيق في الصدر
·         الصداع و مشاكل في التركيز
·         زيادة الشهية واكتساب الوزن

3. البدائل التجارية:
لا يفضل استعمال البدائل التجارية عن التدخين في الإقلاع عنه، فقد أثبتت الدراسات مثلا أن السجائر الإلكترونية لا تعتبر بديلا جيدا عن السجائر العادية، فقد نشرت دراسة دنمركية عن السجائر الإلكترونية ومدى صحتها للمستهلك أنها تحوي مواد عديدة غير جيدة لصحة الإنسان مثل الفورم إلديهايد (المستعمل في التحنيط)، والأسيت ألديهايد والأكرولين (formaldehyde, acetaldehyde and acrolein) التي وجدت في أبخرة معظم السجائر الإلكترونية وهي مواد مسرطنة، بالإضافة إلى وجود مادة النيكوتين نفسها والتي تكون في بعض السجائر الإلكترونية بكميات قد تكون أكبر من التي موجودة في السجائر العادية، كما أن المواد المنكهة المستعملة في السجائر الإلكترونية قاتلة للخلايا الجنينية البشرية والخلايا الليفية الرئوية والخلايا الجذعية في الفئران، بالإضافة إلى وجود عناصر معدنية مثل الكروم والرصاص والنيكل والفضة والألومنيوم والكادميوم في أبخرة السجائر الإلكترونية، لذا كانت نتيجة هذه الدراسة هي عدم القدرة على الإقرار بأن السجائر الإلكترونية هي طريقة آمنة لمن يريدون الإقلاع عن التدخين.

وقياسا على ذلك فإن لبان النيكوتين ولصقة النيكوتين كلها بدائل مشكوك بفائدتها لجسم الإنسان، حيث من الممكن أن تتسبب له بداء جديد بدلا من شفائه من إدمانه على التدخين.

كلمة أخيرة:
كم أتمنى أن أكون قد وفقت بإقناعكم بالإقلاع عن التدخين، وبيان بعضا من الكم الهائل لمضاره، طبعا أنا تكلمت فقط عن مكون واحد من مكونات التبغ، فلم ألجأ للحديث عن القطران أو مادة الأسيت ألديهايد أو الأمونيا (المادة السامة التي تتسبب بتوقف القلب واعتلالات التنفس والربو)  أو أول أكسيد الكربون (الغاز السام العادم الذي يتسبب سنويا بقتل العديد من الأشخاص بسبب الاستخدام الخاطيء للمدافيء) أو الكادميوم (اذي يستعمل في صنع بطاريات السيارات) أو الأسيتون والتولوين (المستخدمان كمذيبات عضوية صناعية) أو النفثلين (القتل للعث للحفاظ على التبغ في السجائر) أو البيوتين أو البولونيوم أو سيانيد الهيدروجين (الناتج عن حرق السيجارة، وهو الغاز المستعمل في غرفة الإعدام بالغاز) أو الزرنيخ (المادة السامة والقاتلة)، أو المواد الأخرى التي تضيفها شركات تصنيع التبغ والسجائر لتحثك على شرب أكبر كمية من السجائر من خلال جعلك مدمنا عليها، بدئا من الفلتر الذي يستخدمونه حتى الورق الذي يلفون به التبغ ونوع التبغ والإضافات، فكل شيء لديهم مدروس لجعل صناعتهم لا تبلى ولا تفتر بالرغم من إرغامهم على وضع الملصقات التحذيرية على علب السجائر. والرجاء عدم الإستخفاف بتركيز أي من المواد التي ذكرتها أو لم أذكرها، فيكفي أنها سامة، وأن المدخن يدمن على التدخين بشراهة، فيستهلك العديد من السجائر يوميا قد تصل إلى ثلاث عبوات أو أربعة، مما يجعل تلك المواد السامة المصرح باستخدامها ووجودها بكميات قليلة كفيلة بقتل أي شخص سريعا أو بشكل بطيء بالتعلل بالأمراض الخطيرة والمستعصية.

ولا تنسى أيها المدخن أن في كل مرة تشعل بها سيجارة، فإنك تضر الآخرين معك، فكم من الأطفال يعانون جراء التدخين السلبي مع عائلاتهم دون أية شفقة. وكم من الأشخاص الذين يعانون من الربو تتسبب سيجارتك بتعريضهم إلى الموت أو الألم غير المبرر، وحتى أنك تعتدي على حرية الآخرين باستنشاق هواء نظيف لتعطي نفسك حقا زائفا بالتدخين بأي مكان. كم من مرة عانى أشخاص أمامي جراء استنشاق دخان السجائر، وحين طلب أولئك الأشخاص من المدخنين إطفاء سجائرهم، غضبوا وجعلوا لأنفسهم الحق بالتدخين في أي مكان، سواء في المواصلات أو التاكسي أو الأماكن العامة كالمطاعم والمولات، ولم يعيروا أية أهمية لألم الشخص الذي أمامهم، وكم من مرة رأيت فيها شابا يدخن لإثبات نضوجه أمام رفقائه أو صديقته، وحتى ولو كان ذلك بطرق شاذة، بأن يعطي سيجارته إلى طفل صغير في المرحلة الإبتدائية ليجربها. أجل الإدمان على التدخين لا يغير فقط من جسدك، بل يغير من مبادئك أيضا، تماما كالمدمن على المخدرات، فلا تستهينوا بالتدخين.

عزيزي المدخن(ة)،إن أردت أن تعرف معنى أن تملك الصحة، فاذهب إلى مستشفى السرطان، أو إلى قسم لأمراض القلب والجهاز التنفسي، وإن أردت أن تعرف معنى الحرية، فانظر إلى طفل صغير يلعب أو إلى لاعب كرة قدم أو رياضة أنت تحبها، انظر وتأمل وخذ قرارك، وكن ملك نفسك، ولا تكن مُلكا للمنتجات التجارية عديمة الهدف، فتعمي بصرك وبصيرتك عن الحقيقة والصواب وتخطئ بحق نفسك وبحق الآخرين وتصرف أموالك التي تعبت بها وتحتاجها لك ولعائلتك في غير فائدة، واعلم أن اللاعب الذي تحبه وتشجعه لا يدخن، لأن التدخين يقطع أنفاسه، وإن كان هذا اللاعب قدوة لك، فلتتخذه قدوة بالطريقة الصحيحة. أتمنى للجميع الصحة والعافية والشفاء من كل مرض.

أهدي جهدي في هذا المقال إلى كل شخص تطوع لمحاربة التدخين، وإلى كل جمعية نادت بحق غير المدخنين في استنشاق الهواء النظيف، وبحق المدخن بترك التدخين وعيش حياة صحية، واستطاعت تحقيق مطالبها.



7:47 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة