حوار مع الناقد الدكتور أحمد عقيلي
مقدمة
رجل مولع بالأدب العربي منذ الصبا، بدأ مشواره من الصفر ليصبح أستاذا جامعيا وباحثا وناقدا في اللغة العربية، ليصير أيقونة مهمة في النقد الأدبي. أنهى البكالوريوس بامتياز وعيّن معيدا في كلية الآداب في جامعة البعث في مدينة حمص، ليحصل على دبلوم الدراسات العليا بامتياز ويُقبل في برنامج الماجستير تخصص الدراسات الأدبية في عمر الـ 24 وينهيه بعد سنتين ونصف السنة. من أرض كنعان أتى إلى بلاد زايد، انضم إلى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فأثرى الساحة الأدبية بعلمه وثقافته ومؤلفاته. مع الدكتور أحمد عقيلي كان اللقاء ليفتح أمامنا نوافذ منيرة لم تفتح سابقا على اللغة العربية وقصة نجاح ملهمة.
- ما هو نوع الكتابة المفضل لديك؟ وما هي مؤلفاتك؟ ومتى كانت ولادة أولاها؟
بسبب شغفي وحبي الكبيرين للكتابة والقراءة منذ الطفولة بدأت الكتابة منذ كنت في الثانوية العامة. فكانت ولادة أول ديوان شعر لي باسم (رد قلبي) بينما كنت على مقاعد الدراسة في السنة الأولى. تلا ذلك مؤلفات شعرية أخرى وروايات وكتابات أكاديمية في صلب تخصصي.
لدي أربعة دواوين شعرية: (رد قلبي، و الرحيل من أجل منال، و عيناك، و واحلباه)، و ثلاث روايات: (عندما يبكي الرجال، و بلا أمل، و يبقى الحب)، ورواية أخرى في مراحلها الأخيرة بعنوان: (حب في زمن الحرب). أيضا لدي خمس كتب في النقد الأدبي: (دراسة في المصطلح النقدي، نعيم اليافي نموذجاً)، و (محيي الدين صبحي وقضايا النقد الأدبي)، و (قراءة نقدية في تجربة عبد الرحيم محمود الشعرية)، و (قراءات في الشعر الشعبي الإماراتي)، و (قراءات نقدية في الرواية الإماراتية، فتحية النمر نموذجاً)، هذا بالإضافة إلى أكثر من عشرين دراسة نقدية متوزعة في المجلات والنشرات والدوريات.
أحب كل أنواع الكتابة، وأميل إلى كتابة الشعر، لكن حبي للنقد خصوصا في نقد النقد قد كان الأكثر حضورا بين كتاباتي.
- بصفتك أستاذا جامعيا وأستاذا مدرسيا من قبل، ما هو المنهج الذي تتبعه في تدريس اللغة العربية؟
إن منهجيتي في تدريس اللغة العربية تقوم على التفاعلية البناءة؛ وذلك بالانتقال من التعلم التلقيني إلى التعلم الحواري التشاركي الذي يتحاور فيه الطالب مع الأستاذ في المحاضرة، بحيث يكون الطالب عنصرا فاعلا وليس منفعلاً، وبذلك يصبح التعلم ذاتياً وليس مجرد حشو للمعلومات التي تتلاشى مع الوقت.
- ما الذي يحتاجه الكاتب ليبدع في الكتابة؟
يحتاج أولاً إلى الموهبة فهي التربة الخصبة التي تزرع فيها بذور الإبداع، لتأتي بعد ذلك مرتبة القراءة المستمرة الدؤوبة أساسها الشغف، والاطلاع على تجارب الكتّاب على اختلافها وتنوعها، علاوة على حضور الأمسيات والندوات والملتقيات الفكرية والثقافية، لتتراكب هذه العناصر كلها مع بعضها، ويوظفها الكاتب بعد ذلك في إبداعاته وكتاباته ومؤلفاته.
- ما الذي تقدمه رابطة كتاب وأدباء الإمارات للموهوبين؟
بداية أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير للإمارات الحبيبة – وطني الثاني – للرعاية المباركة والعناية الكريمة التي لمستها وألمسها على أرضها الطيبة من خلال ما تتيحه للكتاب من ندوات وأمسيات وملتقيات ومهرجانات فكرية وشعرية وثقافية في شتى المجالات فتتسع أفقهم.
فإن لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات دور كبير في رعاية الموهوبين وتسهيل أمورهم وإتاحة الفرص لهم لتقديم إبداعاتهم الشعرية والنثرية. كما يتم الانتساب إليه بشروط مناسبة وموضوعية.
- كيف يكون النقد الأدبي؟ وما هي مراحله؟
النقد الأدبي هو دراسة عملية وقراءة متعمقة ومتعددة الاتجاهات للمُؤَلَّف للتمكن من الحكم على النصوص الإبداعية الأدبيّة. ويعتمد النقد الأدبي في مجمله على النقاش العميق، و تناول النص من مختلف النقاط وفق مناهج متنوعة منها: البنيوي، والأسلوبي، والاجتماعي، والفني، والنفسي، والتكاملي. وهو في مجمله مرتبط بذوق الناقد وفكره، بهدف الكشف عن جماليّة النص الأدبيّ و وعيوبه.
أما مراحله فتبدأ بالقراءة الناقدة الفاحصة، ومن ثم تحديد المنهج النقدي الأكثر مناسبة وملاءمة للنص، ومن ثم تبدأ العملية النقدية بتناول مجموعة من المستويات التفكيرية والتعبيرية والتصويرية والإيقاعية وفق المستويين الأفقي والعمودي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن طبيعة النص المنقود هي التي توجه الناقد وتحدد المنهج النقدي المستخدم.
- هل يكون القارئ ناقدا؟ وما الذي يحتاجه الشخص ليكون ناقدا أدبيا؟
إن النقد عملية معقدة ومركبة وليس بالأمر السهل أبداً؛ يحتاج معرفة ومرتكزاً علمياً لغوياً فكرياً عميقاً، فهو يحتاج معرفة شمولية في اللغة والبلاغة والعَروض وموسيقا النص وعلوم اللغة، إضافة إلى معرفة في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ، كما عليه أن يكون مطلعاً على المدارس النقدية الغربية والعربية، ليشكل من جماع ذلك كله، مخزوناً عميقاً يمكنه من ممارسة العملية النقدية بنجاح.
- كم عدد الكتب التي تم نقدها من قبلك؟ ما هي نسبة الكتب الجيدة بين الكتب التي نقدتها؟ وما هي في النشر الحديث؟
بفضل الله تعالى هي كتب كثيرة بعضها كتب نقدية فكنت أقدم نقداً في النقد، مثل دراستي لكتب الناقد الدكتور نعيم اليافي ومنهجي التكاملي في النقد، ودراستي لكتب الدكتور الناقد محيي الدين صبحي النقدية، وهو الذي ترجم كثيرا من الكتب النقدية لعل منها نظرية الأدب لرينيه ويلك وأوستن وارين، ودراسة نقدية في كتاب ( آليات القراءة في نقد الشعر) للناقد العراقي الدكتور إياد عبد المجيد.
وقدمت نقدا في كتب أخرى في مجال الرواية والشعر والفكرية يتجاوز عددها عشرة كتب، أذكر منها: رواية (كولاج)، و رواية (سيف) للروائية فتحية النمر، رواية (6000 ميل) للروائي محمد مهيب جبر، وهي الرواية التي نالت المرتبة الأولى كأفضل رواية عربية، وديوان (على قيد لحظة) للشاعر الإماراتي الدكتور طلال الجنيبي، وديوان (مسبار) للشاعر الإماراتي نايف الهريس، و قراءة في نتاج الشاعر الفلسطيني (أحمد دحبور)، ودراسة في قصيدة النثر للشاعر الإماراتي (أحمد العسم) نموذجاً، ودراسة مجموعة (النسيان) القصصية للكاتب اليمني الدكتور عمر عبد العزيز، وغيرها الكثير من الدراسات النقدية إضافة إلى القراءات النقدية المتنوعة التي تتجاوز عددها العشرات مما تم نشره في الصحف والدوريات والمجلات .
ولا أخفيكِ القول أنها في مجملها جيدة والبعض منها مميز جداً. ولعل نسبة الكتب الجيدة المنشورة حديثا تصل إلى 70 في المئة.
- هل ترى الأدب العربي في تطور أم في اندثار؟
إن الأمر نسبي، لعلي أقول من موقع إقامتي هنا في الإمارات أن الأدب العربي في حال جيدة نتيجة الاهتمام الذي يناله فيها. ولكن تجدر الإشارة إلى قضية مهمة وخطيرة وهي عزوف الشباب عن القراءة وانشغاله بوسائل التواصل الاجتماعي والكتاب الإلكتروني. وهو أمر يدق ناقوس الخطر بالنسبة للمثقفين والأدباء الشباب ويحتاج إلى جهود توعوية حثيثة للنهوض بالشباب وإعادتهم إلى حضن الكتاب.
- ما هو الجديد في الأدب العربي؟ وما الذي يفقده؟
لعل من الأمور الجديدة أو الأكثر حضوراً في الساحة العربية بروز أنماط جديدة من الشعر، نذكر منها شعر الحداثة وقصيدة النثر، أو ما يسمى اليوم بقصيدة الهايكو. كما نلاحظ حضور الرواية والقصة القصيرة جدا بقوة، ولعله إرهاص من إرهاصات الحداثة وما بعد الحداثة.
بدأ الأدب العربي يفقد اهتمام أبنائه وانشغالهم عنه بالماديات وبالتقنيات الحديثة، خصوصاً جيل الشباب.
- بماذا يبرز الأدب الحديث؟ ولماذا؟
لا يوجد جواب جامع مانع لهذا السؤال، ولو أني أرجج أن الاهتمام ينصب أكثر على الرواية، خصوصاً الرواية العالمية المترجمة بشكل خاص.
- ما هي نصيحتك للكتاب الموهوبين سواء الناشئين منهم أو المتمرسين؟
ليس النجاح والتفوق هو المهم فحسب، بل المهم هو الحفاظ على هذا التفوق والنجاح. أوصي المبتدئين ببذل جهودهم بالقراءة المستمرة بمعدل ساعتين يوميا ومثلها في الكتابة، والاطلاع على تجارب الكتاب السابقين وعمالقة الأدب والفكر كي ينهلوا منها. وأما المتمرسين والمبدعين فأوصيهم بمواصلة السعي والارتقاء، فالنجاح درب له بداية ولكن ليس له نهاية، وأن سلم الارتقاء ممتد ولا يقف عند حدود معينة.
- كيف تستطيع تنظيم وقتك بين الكتابة والتدريس والعمل الاجتماعي ووقتك الشخصي؟
للأسف لم أستطع التوفيق بينهم، وإني أجد نفسي مقصرا في حق ذاتي و أسرتي والصعيد الاجتماعي، فالأنشطة الأدبية والثقافية والقراءة والكتابة تأخذ كل وقتي، حتى لا أجد للنوم سوى 4 ساعات فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.