منذ سنوات بدأت بدراسة الماجستير.. كانت التكلفة الدراسية مرتفعة.. فبدأت أبحث عن أي عمل أستطيع القيام به في ظل عدم وجود واسطات أو تكرم من ديوان الخدمة...
في يوم وقع في يدي إعلان عن شركة تريد مندوبي مبيعات على الهاتف فقط، وكانت المنتجات تجميلية طبية..
قلت في نفسي .. لم لا .. فلأجرب
اتصلت بهم وإذ بأحدهم يرد ويشرح لي أمورا كثيرة عن تسويق شبكي لا أحتاج فيه إلا إلى هاتف ..
قال لي: سوف أعلمك ذلك.. لا تقلقي... واتفقنا على موعد
ذهبت إلى الموعد حسب الاتفاق... فقيل لي لقد انتهت المواعيد هذا اليوم.. وأعطوني موعدا آخر ... فذهبت وقلت في نفسي (الحق الكذاب لورا الباب)
فوجدت أعدادا كثيرة ووجوها تتسم بالعلم والثقافة والوظيفة... استبشرت خيرا.. فجمعونا ليشرحوا لنا عن الوظيفة بشكل جماعي ليختصروا الوقت ..حيث كانوا يريدون أعدادا كبيرة
تبادل الأماكن ثلاثة يتكلمون ولم أفهم منهم شيئا ... وأحسست بشئ خاطئ يحدث... لم يوضح أحد كيف العمل أو ما هي المنتجات...
جل ما تحدثوا عنه هو النتيجة ومن بدأ هذا العمل وكيف أصبح مليونيرا هو ومن تحته في الشبكة خلال سنة واحدة فقط... وصور تقلب على الحائط بشكل هستيري...
أحسست أني في محاضرة فيزياء... حيث لم أكن أسمع من حديث الأستاذ إلا مصطلحات سنسكريتية...
انتظرت حتى آخر الحديث.. وتلفت حولي لأجد الآخرين يلبسون أقنعة الفهم المزيفة.
في نهاية تلك المحاضرة الغريبة والرهيبة قدموا لنا ورقا فيه أسئلة.. تماما كمن حضر محاضرة وطلب الأستاذ منه في النهاية رمي الكتب على الأرض و حيازة ورقة بيضاء وقلم فقط على المنضدة لإجراء اختبار سريع (يلا Quizzzz)
كانت تلك الورقة ضرب من جهنم..
قالوا لنا لقد أجبنا عن كل الأسئلة خلال المحاضرة، نريد أن نعرف من منكم استطاع تذكر كل تلك المعلومات..
شككت بنفسي أول الأمر... اعتقدت أني الوحيدة التي لم أفهم... فرأيت الآخرين يسألون بعضهم عما يجدر كتابته... ثم يتقدم بعض المشرفين بالتغشيش...
كانت لحظات مضحكة وعاثرة ظللت أضحك بداخلي فيها عما رأيت..
بعدها جمعوا الأوراق وجعلونا نقابل شخصا ليتم البت في أمرنا. عندما جلست معه كان رجلا أربعينيا يسأل بعضا من الأسئلة التي كانت في الورقة.. عند انتهائه سألته..
أنا لم أفهم شيئا... هل من الممكن الشرح!!!
قال لي ألم تكوني في المحاضرة... قلت بلى ولكن لم يذكروا شيئا عن ماهية الوظيفة...فامتقع وجهه واكفهر كيوم شتوي لم تظهر فيه شمس وقال:
ستكون الوظيفة في مجال التسويق ... عليك أن تدفعي 150 دينارا كتأمينات للمنتجات التي سنعطيكي إياها للبيع. بإمكانك إما تسويقها مباشرة أو جلب آخرين لتسويقها... وكل شخص ستجلبينه ستأخذين عليه عمولة ثابتة، وكل شخص سيبيع منتجات ستأتيكي من ذلك عمولة ثابتة
وكلما زاد عدد الأشخاص زادت عمولتك بالطريقتين وبالتالي سوف تصبحين غنية خلال فترة قصيرة
في نهاية الحديث قال لي: اتصلي في الساعة العاشرة مساء لتعلمي إن تم اختيارك أم لا...
خرجت وقد قفزت الأرانب في رأسي ولم يتوقف الديك عن الصياح...
يا إلهي... ما هذا؟؟؟ من أين سأوفر هذا المبلغ؟ ولماذا سأدفع لمنتجات ليست لي وعلي بيعها؟
هناك سقطات كثيرة حدثت ولم أفهمها..
ابتداء من أول موعد تم إلغاؤه ثم عدم إيجاد من تحدثت إليه ... ثم تلك المحاضرة الفظيعة .. يليها ذاك الامتحان الغبي، وصولا إلى المقابلة المبهمة التي كان من الصعب فيها الكشف عن معلومات كأنها تمس البيت الأبيض.
جلست مع نفسي ذلك اليوم أحاول فهم ما حدث لأتوصل لنتيجة أني كنت سأتعرض للسرقة والاحتيال بموافقتي
ورغم عدم سكوت نقيق الضفادع في داخلي لأتصل وأعلم إن تم قبولي... تعوذت بالله من الشيطان وذهبت لألعب المزرعة السعيدة.. لعلي أحصل منها على هدية ...محصول عشبي أو ثمر أستطيع بيعه فأسدد به أقساط جامعتي.
كتبت هذا الموضوع بعد قراءتي لمنشور لأحد الأصدقاء ليلة البارحة بأنه لم يسلم أحد من رسمة توضيحية للتسويق الشبكي على منضدة في محل بيع للقهوة يحاول فيه الآخر إقناع الضحية بالوثوق به والبدء بالعمل..
وأكثر ما أثار ارتيابي هو رد أحد الأشخاص بالندم الشديد على عدم الموافقة على العمل بها بعد رؤية أصدقائه أثرياء بعدما عملوا بهذه الطريقة
للعلم فقط: الدين الإسلامي حرم هذا النوع من المتاجرة والتسويق لأنه نوع من الربا والمقامرة؛ فهو يدفع مبلغا قليلا مقابل الحصول على مبالغ أكبر وهو بيع نقود بنقود
والسلعة ليست الهدف تحديدا بل هي ستارة لتغطية المقامرة الكبرى والهدف فيها الحصول على العمولات فقط وليس بيع السلع. وكل من هو في السلسلة الهرمية خاسر إلا قل قليلة ممن في قمة الهرم الذين استغلوا كل من تحتهم.
للاستزادة في الحكم الشرعي الرجاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.