أفنان زعيتر
فى: مارس 11, 2018 طباعة البريد الالكترونى
كبرنا ولكننا لم ننضج..
ما زلنا لم نفهم التركيبة الصحيحة للمجتمع، وكيف علينا أن نحتوي أصحاب الهمم.
لم نفهم أن ذوي الإعاقات قد سُمّوا بذلك لفقدانهم شيئا أو أكثر في جسدهم أو عقلهم قسرا وليس برغبتهم. فجلسنا نتهكم عليهم وننبذهم دون رحمة، ولم ننتبه ولو لوهلة أن الإعاقة الفعلية تقبع في تفكيرنا ومواقفنا.
لم نفهم أننا نحن أصحاب الإعاقات وليس هم. ففي الوقت الذي نبارزهم بنواقصهم، طوروا حواسهم الأخرى ومواهبهم ليستمروا في حياتهم و ينجحوا ويتقدموا في مجتمعاتهم، ونحن ما زلنا على مكاتبنا وفي بيوتنا نختبئ ونلطم وجوهنا مما نعانيه من مصاعب وعراقيل.
لنتوقف ونفكر… فالتفكير والتأمل والتدبر عبادات أوصلت الأنبياء والرسل إلى الله والقرارات الصحيحة.
هل ابتلاؤنا أكبر أم ابتلاءهم؟
هم قد قرروا المضي قدما، ونحن ما زلنا في أماكننا نتسمر.
هل هم أصحاب الإعاقة أم نحن؟
أفلا تتفكرون وتتدبرون الأحداث من حولكم؟ ما زلنا في طور التهكم نعيش ونصيح ضاحكين وغيرنا قد وصل النجوم واخترع المستحيل وقطف الجوائز والمال .
فإن كنتم في تيهكم غارقون و راضون، فدعوا أصحاب الهمم في همة عالية، ولا تزرعوا العراقيل في طريقهم بالمعاملة أو بالكلمة، ودعوهم يغرقوا المجتمع بعطائهم، فالعطاء ليس له عنوان وليس حكرا على أحد.
هم جزء أساسي من بنية المجتمع، فلا تجعلوهم يهرعون إلى مخابئهم، أو تجعلوا أهاليهم يدفنوهم في بيوتهم لا يروا ضوء الشمس ولا حتى نور القمر، ويتخذون من وجودهم وصمة عار، رغم من انعدام شعورهم بالخزي والعار من ممارستهم الظلم والخطايا البشرية الأخرى.
إنهم بشر مثلنا، فدعوهم في همة عالية ليعوضوا المجتمع عما تخاذلتم عن عطائه، فإن الهمة تجعل الكفيف بصيرا، والأصم سميعا، وذو الحروق وسيما.
ألم تتدبروا قصص أصحاب الهمم السابقة؟ أو الحالية؟
تلك الصغيرة التي لم ترى أو تسمع أو تتكلم (هيلين كيلر) التي تعلمت رغم كل شيء وكتبت العديد من المؤلفات.
والعالم الذي شُل تماما بسبب مرض التصلب الجانبي (ستيفن هوكينغ) الذي أثرى العالم بنظرياته الفيزيائية وكتبه ومحاضراته. والأصم (بيتهوفن) الذي ألف أجمل النوتات الموسيقية وأكثرها احترافا. و أبو العلاء المعري وطه حسين؟ بل أعتقد أنكم لم تسمعوا ب(غانم المفتاح) الذي لقب بقاهر المستحيل وسفير الطفولة، وذلك لتحطيمه العديد من الأرقام القياسية بالرغم من عيشه بربع جسد فقط. أو حتى (فرانك ستيفنز) المصاب بمتلازمة داون، الذي وصل إلى الكونغرس ليلقي خطابه عن احتياجاته هو وباقي المصابين بالمرض، وقد خاض حياة ملؤها العطاء من إلقاء محاضرات جامعية أو تمثيل أفلام ومسلسلات أو إلقاء خطابات مؤثرة باسم المصابين بمتلازمة داون.
كل منا خلقه الله ليقوم بدور معين، فإن لم تقوموا بما خلقكم الله من أجله، فدعوا الناس تقوم بأعمالها وأعمالكم، ولا تعرقلوهم وتكونوا أنتم إعاقتهم الجديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.