إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

حوار مع الدكتورة هديل بسام - بعد أن تحطمت آمالي وأحلامي على صخرة الواقع..لم أدخر جهدا في تحقيق حلمي... فانتصرت

 

هديل بسام : طموحاتي ليس لها حدود... لكني ما زلت أكتشف طريقي...




مقدمة

هي قصة صعود فتاة..
فتاة طموحة..حلمت وأرادت فحققت ما أرادت وجعلت حلمها واقعا..
بذلت كل جهد خلال مسيرتها ولم تدخر منه شيئا..
لم يكن خيارا سهلا أبدا لكنها اتخذت القرار بالمضي قدما ولم تتراجع رغم جميع الصعوبات..

هديل بسام.. فتاة أردنية، خريجة الجامعة الهاشمية تخصص تكنولوجيا حيوية. قررت استكمال دراستها خارجا حينما وجدت الطريق مسدودا أمامها في وطنها. فحلقت كعصفور يتوق لينهل شربة من الماء فحطت في إيطاليا لتتخصص في العلوم الحياتية الجزيئية والهندسة الوراثية في جامعة بافيا.. فحصلت على درجة الماجستير منها.. ثم قررت استكمال رحلتها النهمة إلى العلم لتبدأ أولى خطواتها على طريق الدكتوراة.
كان الحوار مع هديل لتسليط الضوء على مسيرتها العلمية لتكون نورا يضئ عتمة الكثيرين ممن تاهوا في مجاهيل البطالة و البحث عن العمل.

-لماذا اخترت هذا التخصص؟

اخترته لحبي له، فهو يحمل شيئا جديدا، وهو أساس الثورة التكنولوجية والطبية الحديثة. أحببته لما يمكن أن يفتحه لي من أبواب، وما يحمل من إمكانيات بالرغم من تفشي البطالة بين خريجي هذا التخصص؛ فليس له مجالات عمل في الأردن.

- ما الذي دفعك للسفر إلى الخارج وكيف أتتك الفكرة؟

نصحني أحد أساتذتي باستكمال دراستي فور إنهاء دراسة البكالوريوس، إلا أن حماستي وأحلامي الوردية منعتني من إدراك الحقيقة، وتصورت بأني مختلفة عن الجميع وسأحصل سريعا على عمل، وسأطبق ما درسته تطبيقا عمليا قبل الاستمرار في الدراسة. لكني وقعت على صخرة الواقع بشكل مؤلم وتكسرت أحلامي.
لم أجد عملا أبدا في مجال تخصصي شأني شأن معظم خريجي تخصصي. وحين أردت التوجه للتدريب كان يتوجب علي دفع المال ليتم قبولي في البرامج التدريبية، وكنت أحصل على وعود زائفة بالتوظيف بعد التدريب لفترة؛ فما كان مني إلا أن دفعت المال والجهد للآخرين دون أن أحظى بأي مردود طيب.
مرت علي أربع سنوات بعد تخرجي دون عمل، لكني لم أرضَ بالمكوث في منزلي أشتكي البطالة، بل خرجت وجاهدت كثيرا في التدريب وأخذ الدورات لأبني سيرة ذاتية جيدة.

قبل أن تبدأ رحلتي بالخارج, كنت أتدرب في مركز من المراكز البحثية في الأردن لمدة ستة أشهر كان سيتم تقييمي بعدها وتوظيفي بعد التقدم لبعض الامتحانات.
وجودي بين العديدين ممن يحملون شهادة الماجستير، و المحاضرات المختلفة التي كانت تقام في المركز (CE)، جعلني ادرك كم أصبحت معلوماتي ومعرفتي شحيحة عن تخصصي بعد تلك السنوات الأربع.
واشتعلت في قلبي نيران العطش للمعرفة والبحث، فقررت استكمال دراساتي العليا لري ظمأي, وففكرت بالدراسة خارج الأردن, لأني كنت دائمة الشوق لمعرفة الحضارات الأخرى والتعايش معها، وبناء تجارب مختلفة، و للحصول أيضا على تعليم أفضل.. و بدأت رحلة البحث عن المنح..

في بداية الأمر كنت أفكر باستكمال دراستي في إحدى الدول العربية حتى تتقبل عائلتي الفكرة وأحصل على موافقتهم على قراري، وكنت في قرارة نفسي قد اتخذت القرار بعدم المواجهة قبل حصولي على فرصة. فتقدمت لمنحة في جامعة عربية مرموقة، وانتظرت... ولكنني لم أُقبل في هذا البرنامج.
بعدها التقيت بصديقة لي في جامعتي ونصحتني بالتقدم للمنح الأوروبية ( Erasmus)، وفعلا تقدمت إليهم بطلب دون أن تراودني للحظة فكرة قبولي فيها، وقلت في نفسي "هي هتطلعلي!!!", لكنني حاولت, لأنه يتوجب علي التقدم لأكثر من برنامج حتى أعمل ما بوسعي وتزيد فرصي في القبول في إحدى المنح.
بعدها حظيت برد إيجابي.. لقد وضعوني على لائحة الاحتياط، وأخبروني عن منحة أخرى لنفس البرنامج لأسارع في التقدم لها.. وتقدمت فعلا ولم أتوانى للحظة ..

كنت قد هيأت نفسي للأسوأ، ورسمت خطة بديلة حتى لا أهدر المزيد من الوقت في حال عدم حصولي على منحة خارج البلاد... فخططت للالتحاق ببرنامج الماجستير في جامعة محلية، وفعلا قمت باختيار الجامعة وبحثت عن الأستاذ الجامعي المناسب ليكون مشرف بحثي، ثم....
حصلت على قبول من جامعة بافيا الإيطالية بعد ثالث محاولة للحصول على منحة بتوفيق من الله، فالحصول على منحة خارجية بسرعة أمر صعب المنال، على الأقل على مستوى الماجستير.

- هل راودك الخوف من المجهول أم كنت واثقة الخطى؟

خالجتني العديد من المشاعر المتضاربة... خوف وفرح شديدين... فرح بحصولي على فرصة العمر واستطاعتي اكتساب علم وخبرة لن أستطيع اكتسابهم في بلدي، وخوفي وقلقي من خوض المجهول، وخوض تجربة جديدة كليا؛ أناس جدد، ومسؤوليات جديدة، ودراسة، والخوف من ردود فعل الأشخاص هناك بعد انتشار الإسلامفوبيا بينهم، خصوصا كوني محجبة.

لكني ذهبت بعد اتخاذي لقرار لا يمكن التراجع عنه، وكنت مسؤولة عن ذلك أمام نفسي أولا وأمام عائلتي..
فذهبت ودرست، وزرت أماكن عديدة، وحصلت على صداقات جيدة، وواجهت المصاعب اجتماعيا ودراسيا، فقد عدت إلى الدراسة بعد مرور أربع سنوات، والمناهج ونظام العلامات مختلف كليا عما لدينا في الأردن.

-كيف استطعت اقناع عائلتك بالسفر إلى بلد أجنبي وحدك؟

بالرغم من كون والدي إنسانا متمسكا بآرائه وقراراته؛ فوالدي -أطال الله في عمره- يعلم جيدا كم أتوق لاستكمال تعليمي وكان يشجعني دائما، لكنه كان رافضا فكرة السفر إلى الخارج، لكن حين علم بحصولي على المنحة الإيطالية، فكر وقال لي "إنها مشيئة الله لك، فتوكلي على الله".

- حدثينا قليلا عن ترتيبات الحصول على منحة في الخارج.

بداية أود التنويه أن من يسعى للحصول على منحة في الخارج يجب أن يتحلى بالصبر وبذل الجهد والمثابرة بشكل كبير، وأن يرمي اليأس خلفه فليس له مكان خلال المسيرة، فهناك طلبات كثيرة يجب ملؤها ومتطلبات كثيرة يجب توفيرها.
للحصول على منحة يجب السعي لبناء سيرة ذاتية جيدة تلفت انتباه مسؤولي قبول المنح، سواء بالعلامات العالية، أو نشر مقالات علمية أو تدريبا أو عملا تطوعيا حتى لو في غير مجال دراستك؛ فهو دليل نشاطك وجهدك اجتماعيا، أو أي شئ يثبت للجهة المانحة أنك تستحق المكان والدعم الذي تطلبه، فهم سيقدمون لك فيزا واستقدام وراتبا شهريا ومقعدا علميا.
أيضا يجب التحلي بلغة انجليزية جيدة جدا، وبالتالي يجب التقدم لأحد الامتحانين الدوليين (الأيلتس أو التوفل)، حيث تطلب كل جامعة علامة أدنى في هذه الامتحانات للقبول في نظام المنح.
أيضا يتوجب توفير رسائل توصية، وهنا يجب أن يكون الموصي موضع ثقة وعلى علم تام بك وبعملك وإمكانياتك حتى تحصل على رسالة توصية جيدة. والأفضل أن تتنوع رسائل التوصية بين شخص أكاديمي وشخص من محيط العمل.
كل ذلك بالإضافة إلى كتابة رسالة motivation letter توضح فيها لماذا أنت الأجدر بين المتقدمين لكسب المنحة. فمثلا: أريد الحصول على فرصتي في العلم لأكتشف دواء لمرض كذا بسبب كذا وكذا.... وأن تكتب أي شئ جيد فعلته في مسيرتك، مثلا: حصلت على علامة عالية في البكالوريوس... أو حصلت على المنحة الفلانية. وأن تكتب عن تجاربك في الحياة.
وأما التقدم فهو سهل ومتاح للجميع على الإنترنت، فهناك موقع scholarship positions الذي يوفر لك بعد اشتراكك به رسائل أسبوعية عن المنح المتوفرة حول العالم وشروطها.

-ماهي الصعوبات التي واجهتك خلال رحلتك الدراسية؟ وكيف استطعت اجتيازها؟ وماذا عن سفرك كفتاة وحدك الى بلد اجنبي

بداية أقول.. عندما تحصل على فرصتك.. كن سفيرا جيدا لبلدك ودينك وقدم الصورة الصحيحة التي تربيت عليها أخلاقيا ودينيا، وقدم أفضل ما لديك، ولا تكن لعوبا أو خائنا لثقة من حولك وتقلب الفرصة إلى مأساة، خاصة أن الأجانب يمتلكون عنا صورة نمطية بأننا –نحن العرب- رجعيون وأن المرأة عندنا مظلومة ومقهورة لدرجة كبيرة كما في عصور الظلام، وأن الدين الإسلامي يأخذ من حقوق المرأة الكثير. لذلك استغل هذه الفرصة لتنشر صورا وأفكارا إيجابية عنك وعن بلدك.... هذا هو جهادك...
ولا تعزل نفسك عن الآخرين أو الاكتفاء بالمجتمع العربي الموجود، فذلك من شأنه أن يعرضك للنظرات والمواقف العنصرية.
لن أقول لك أن المجتمع خارجا مليئا بالإجابيات وخاليا من العيوب... لذلك توقع تعرضك للمواقف العنصرية... لكن لا تنسى أن الإجابيات موجودة.
وتذكر بأنه ليس عليك تغيير دينك أو معتقداتك أو لباسك ليتقبلوك بينهم... فقط كن كما أنت واجعلهم يتقبلوك، وفي النهاية سيتقبلوا وجودك كما يتقبلون الهنود والصينيين في لباسهم وعاداتهم.

- كيف ترين نفسك الآن بعد هذه المغامرة؟ هل مازلت بنفس الروح والعقل أم اختلف شئ فيك؟

لم أعد هديل التي كنت عليها، لقد أضاءت لي هذه التجربة روحي وعقلي، وجعلتني منطلقة إلى الحياة وأكثر ثقة بنفسي وأكثر انفتاحا على شخصيتي التي لم أكتشفها تحت كنف الأهل أو تحت مجهر المجتمع.... صار طموحي أكبر وأفكاري أعمق.

- ما الذي مازلت تسعين إليه وما هي حدود طموحاتك؟

طموحاتي ليس لها حدود... لكني ما زلت أكتشف طريقي...

-هل من نصيحة تقدمينها لأبناء تخصصك؟

أتوجه لأبناء تخصصي والطلاب الجدد بطلب الابتعاد عن هذا التخصص في حال أرادوا مستقبلا سريع التطور ذو مورد مالي جيد، ففرص العمل والتطور في الأردن لهذا المجال معدوم. وأنه مفتوح فقط في الخارج كدراسة وكعمل سواء في البلاد الأجنبية أو الدول الخليجية.
أما من يبتغي العلم ويتوجه لاستكمال الدرجات العلمية ليصبح أستاذا جامعيا يدرس ويعمل في الأبحاث فإنني أشجعه.
وأود أن أسلط الضوء على أن النظر متوجه حاليا في مجال التخصص اتجاه الـ industrial business لأنها حاليا هي المستقبل في هذه العلوم.
1:19 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة