إعلان رأس الصفحة

الجمعة، 12 يناير 2024

حوار مع النحّات محمود مختار نصر الدين محمد "مختار كايروسكي" هو لقبي، ومدرستي هي الفن المصري القديم


 

حوار مع النحّات محمود مختار نصر الدين محمد
"مختار كايروسكي" هو لقبي، ومدرستي هي الفن المصري القديم
 

بقلم أفنان زعيتر

 

هو فنان مصري، ولد عام 1986 في القاهرة، ونشأ في حي عين شمس أمام جبانة مدينة "أون" التي كانت مركز النحت والفلسفة في مصر القديمة. التحق بكلية الفنون الجميلة في المنيا، وتخرج من قسم النحت فيها عام  2008، ليتم تعيينه في وحدة النماذج الأثرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار.

اسمه على اسم فنان النحت الخالد  "محمود مختار" الذي توفي عام 1934، والذي كان أول طالب يلتحق بكلية الفنون الجميلة بحي السيدة زينب بمجرد الإعلان عن افتتاحها عام 1908.

اهتم بدراسة اللغة المصرية القديمة، فعمد إلى الحصول على دورة فيها في بيت السناري عام 2015. وشارك في البعثة المصرية الألمانية للحفائر الأثرية في تونا الجبل في الفترة بين عامي 2015-2017. كما شارك في ترميم (استكمال) بعض القطع الأثرية مع وزارة السياحة والآثار. وأقام العديد من ورش العمل لتعليم النحت في: بيت السناري-مكتبة الإسكندرية، وكاتدرائية جميع القديسين بالقاهرة، ومتحف الفنون الجميلة في الإسكندرية. كما أقام العديد من المعارض في مصر والخارج كان آخرها "وجوه من البازلت" الذي أقيم في فبراير في متحف الفن المصري الحديث في ساحة دار الأوبرا المصرية.

محمود مختار نصر الدين، هو عضو مجلس إدارة أتيليه القاهرة، وعضو نقابة الفنانين التشكيليين، وأخصائي رسم أثري لدى المجلس الأعلى للآثار، الذي انتشرت أعماله كمقتنيات لدى محبي الفن في مصر وحول العالم، والذي اعتمد فيها الفن الفرعوني القديم، حيث خلت منحوتاته من التفاصيل الدقيقة التشريحية والحركة الفيزيائية، واعتمد على الشكل العام المصقول التجريدي، وملمح بسيط يستهدفه في عمله، ليكون شكلا مجردا في حالة سكون، تم فيه مزج الفن الفرعوني القديم بالرمزية لنهضة مصر الحديثة.

 

- متى تعرفت على موهبة أناملك في النحت؟

كان ذلك في طفولتي.. لقد كنت سعيد الحظ بنشأتي في منزل يطل على أحد الأماكن الأثرية، والتي أكثر ما جذبني فيها أحد المجسمات المصنوعة من حجر الكوارتيزيت على شكل رجل مصري قديم لم يتم استكماله، حيث بدا أن العمل قد توقف فيه بعد مرحلة الإزاحة. ذلك التشكيل غير المكتمل أثار غريزة النحت في داخلي وكان محفزا بصريا لي.

 

- كيف نمّيت وطورت موهبتك على مدار السنين؟

لقد كان لأسرتي فضل كبير في ذلك، حيث شجعتني أسرتني على تنمية مداركي بتوفير الصلصال وبعض الأدوات، وسماحهم لي بإعادة تدوير بعض الأشياء المهملة، وتركي أعيد تركيب بعض ألعابي بصورة غير مألوفة وإطرائهم المستمر على ما أفعل من أمور جميلة، وتحفيزي على إنتاج المزيد من كل ذلك.

لقد ساعدني ما فعلوه في إثراء مخيلتي، وزيادة تركيزي اتجاه ما أفعل، وإضافة المزيد من الثقة في النفس، ومحاولة تطوير ذاتي وأعمالي بشكل فطري تلقائي.

 كل ذلك كان البداية، ليستمر الأمر وأعمل على صقل موهبتي بطريقة علمية أكاديمية، ليبدأ احترافي للأمر مع أستاذ التربية الفنية "محمد السيد فضل" في مدرستي الثانوية؛ مدرسة خلدون الثانوية العسكرية للبنين، التي احتوت على مرسما للفنون ومعملا للكيمياء وآخر للفيزياء كنا نجري فيهم التجارب، الأمر الذي أضاف لي الكثير من المعرفة الفيزيائية والكيميائية التي يحتاجها أي نحات؛ فالنحت فن يحتاج لمعرفة قوانين العلوم والتفاعلات. هنا نصحني أستاذي أن أذهب إلى متحف عفت ناجي وسعد الخادم التابع لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية حيث أتيحت لي الفرصة للتعرف على تقنيات وأدوات تشكيل الطين الأسواني. لقد شجعني أستاذي أيضا بنشره لتجاربي في رسالة الماجستير التي كان يعمل عليها، والتي كانت تتحدث عن التجارب الطلابية في النحت الخزفي، لقد كان أمرا مهما بالنسبة لي.

 

- كيف تستلهم فكرة مشاريعك النحتية؟

أستلهم أفكاري من الحضارة المصرية، فأنا مولع بها كثيرا. أذكر  في أول زيارة لي للمتحف المصري في التحرير، وأنا في المرحلة الابتدائية، شدة انبهاري بالتمثال الضخم الخاص بالملك أمنحتب الثالث والملكة تي من الحجر الرملي، ذلك التمثال الراسخ في القاعة الرئيسية ليستقبل رواد المتحف ويمنحهم انطباعا بمدى قوة الفن المصري القديم. حين رأيت التمثال أحسست كأن صاعقة نزلت بي، وسألت نفسي مستنكرا: هل حقا هو من البشر من قام بنحت هذا التمثال! وقررت يومها أني سأكون مثل أجدادي، وأن طموحي سيكون عاليا كعلوّ ذاك التمثال الضخم.

 


- ما هي خطواتك في تنفيذ الأفكار؟ وكم تستغرق القطعة الواحدة من ساعات عمل؟

مشروعي يبدأ بالفكرة، والفكرة تكون وليدة موضوع وبحث. ثم أقوم بإطلاق العنان لمخيلتي عن طريق الرسوم التحضيرية التي تنفذها يداي. ثم أبدأ بتخيل هذه الرسوم ثنائية الأبعاد بشكل معالج في أبعادها الثلاث. بعدها أختار الخامة والمقاس المناسب للعمل، وأقوم بدراسة تنفيذية لحساب كل العمليات بدءا من اختيار قطعة الحجر المناسبة، وتخيل سيناريو  زمني لكل مراحل البحث عن الحجر وتقطيعه ونقله إلى المكان الأولي الذي أقوم فيه بالإزاحات، ثم نقله إلى مرسمي وخوض حالة من التواصل مع الكتلة والفراغ واختيار المعالجات للسطح.

قد تستغرق تلك المراحل شهورا وأحيانا سنوات، فبعض مشاريعي استغرق تنفيذها خمس سنوات فأكثر، وبعضها بدأت بها منذ ثماني سنوات ولم تكتمل إلى الآن.

 

- هل تكون النتيجة النهائية مطابقة لما تخيلت في البداية؟ أم أن الفكرة تتطور خلال التنفيذ؟

لأن تطبيق الفكرة يحتاج إلى وقت طويل كما شرحت سابقا، لذا تأتِ كل مرحلة بحلول وإضافات، إما بزيادة المعرفة أو بتطور البحث التكنولوجي.

هناك شق مهم على الفنان أن لا يغفل عنه حتى يصبح لديه مشروعه الخاص، وهو البحث التقني وتفقد ماتوصلت إليه التكنولوجيا. فهناك ثلاثة أنواع من الأبحاث نقوم بها: بحث فلسفي فني، وبحث على المستوى التقني، وبحث معرفي عن المواضيع التي تشغلنا سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر.

يكون البحث التقني بإخضاع التكنولوجيا للتجربة؛ فمن الممكن أن نرصد آلة جديدة لضمها للعمل، لنكتشف من خلال التجربة أن هذه الآلة توفر حلولا قد توفر علينا الجهد والوقت، أو نكتشف فيها إمكانيات أعلى مما تم طرحه تسويقيا. كما من الممكن أن نقوم في بعض الأحيان ببناء معمارية مؤلفة من أكثر من آلة، وأحيانا أخرى نكتشف أن هذه الآلة أو التركيب الجديد لا يصلح للعمل.

 

- ما هي المواد التي تستعملها في النحت؟

سأتكلم عن تخصصي في نحت الحجارة، وفيه كل فنان له رؤية وحرية في استخدام ما يناسبه؛ ففي بعض الأحيان يقوم النحات بصناعة أدواته بنفسه، أو يقوم بالاستعانة بورش متخصصة بصناعتها.

أما عني فلقد اعتدت على صناعة أدواتي التي أستخدمها في نحت الحجر الجيري والجبس بنفسي، إما بإنشائها باستخدام قطع الحديد أو حتى شراء بعض الأدوات والقيام بتعديلها لتقوم بوظائف أكثر تقدما.

أما فيما يخص نحت الأحجار الصلبة، فأنا دائم البحث عن كل ما هو جديد من محركات، ومراقبة المنتجات والاطلاع على التقارير الخاصة بها وتجربتها. على سبيل المثال، جلبت بعض الأدوات التي تتوفر بها مواصفات خاصة تهمني، وتدخر الوقت والجهد عن طريق طلبها عبر الإنترنت، أو أحضرتها معي خلال سفري، وإن ذلك برأيي نوع جيد من الاستثمار.

بالطبع علي القيام بفحص دوري لتفقد صلاحية الأدوات والآلات، ووضع خطط التطوير بناء على تلك التقارير.

 

- ما هي الفلسفة التي يقوم عليها اختيار مادة النحت من خشب أو رخام أو بازلت أو أي مادة أخرى؟ وكيف يتم ذلك؟

إن اختيار الخامة هو جزء لا يتجزأ من مرحلة التحضير للموضوع الفني، لذا تفرض فكرة المشروع وموضوعها نوعية الخامة المستهدفة، فكل خامة لها حلولها الخاصة والسحرية.

أيضا هناك اختيار القطعة الحجرية المناسبة، فكل قطعة تخضع لاختبارات تحدد مدى صلاحيتها للنحت. وبما أن أغلب مشاريعي مصنوعة من حجر البازلت –وهو حجر ناري تكون في باطن الأرض نتيجة انصهار المعادن في وسط من السيليكا الناعمة- فإن ظروف تكوين هذا الحجر تفرض علي التيقن أن القطعة الحجرية المختارة هي قلب الحجر لتكون نسبة تماسكه عالية. وإن لحجر البازلت مكانة في قلبي، فقد كانت أولى مشاريعي مصنوعة منه، كما أن يعبر عن انصهار الخيرات ودمجها مع بعضها ليخرج إلينا منمقا جميلا حاملا صفات الصلابة والتحول.

أحب أيضا استخدام الخزفيات بتقنية البريق المعدني، لأن فيها فلسفة هبات القدر، فالبريق المعدني يحدث نتيجة انبعاث الكربون عن طريق احتراق المواد العضوية لتلامس السطح فتتم عملية الاختزال وإظهار المعادن على السطح الخارجي.

 


- بأي المدارس الفنية تأثرت؟

لقد تأثرت حقا بمدرسة المصري القديم، فلدي يقين تام بأن المصري القديم كانت لديه التكنولوجيا والعلوم، ولم يفصل بين الفن والحياة والعلم.

 

- من أثر أو دعم محمود مختار في مشواره؟

كلمات الشكر لا تنتهي للعديد ممن مروا في حياتي، وكما قال عليه الصلاة والسلام: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله". لكني ممتن بشدة لأسرتي وعائلتي بفروعها، حيث قاموا بدعمي على طول الطريق. وأستاذ التربية الفنية حين كنت في المدرسة "محمد السيد فضل" الذي كما ذكرت كان له دور كبير في صقل موهبتي ووضعي على الطريق الصحيح.

وصديقي العزيز أحمد كمال، وأصدقائي وإخوتي في ملتقيات النحت التي شاركت فيها من كل دول العالم حيث أثروني بفكرهم ونقدهم ومشاركتهم وتشجيعهم. أيضا هناك كل من أثنى على منتجاتي أو قام بزيارتي فذلك أعطى روحي الكثير من الدعم والتحفيز. ولن أستطيع نسيان كل من شكك بي أو تهكّم على منتجاتي، فلأولئك الفضل على حرصي على التقدم بثبات والتيقن من خطواتي بشكل دائم درءا لأي خطأ، مما جعلني أتطور على مدار السنوات.

 

- ما هي الرسالة التي تجهد في إيصالها من خلال منحوتاتك؟

أريد  أن القول بأن الفن والحياة لا ينفصلان، فلا توجد حياة بدون فن، ولا يوجد فن بدون حياة أو هدف. أريد أن أقدم للعالم صورا عن مصر والفنون المصرية ، وأننا ما زلنا مستمرين في السير على ذات الدرب الذي مشى عليه أسلافنا.

 


- هل أصابتك حالة منع الفكرة؟ وكيف تغلبت عليها وعدت بأفكار جديدة؟

أجل، لقد تعرضت لفترة عصيبة من التجاهل و هجر الأصدقاء وأُفول الأفق، فوقعت في الإحباط الشديد. لكني في النهاية جلست مع نفسي وحاسبتها بحيادية وشفافية، حينها أيقنت أن الكبوة أو المحنة هي منحة من الله. نظرت حولي فوجدت أنه كما النار ضرورية لتصلب الفخار وتشكيل الحديد، فالمحنة ضرورية لتجديد الإبداع وتطويعه، فالأمل يولد دائما من رحم الألم.. فكان درسا مهما لي في حياتي.

 

- ما هي الصعاب التي واجهتها خلال مشوارك وكيف تغلبت عليها؟

إن الصعاب في مجالنا كثيرة جدا... فعلى المستوى التقني فالصعوبة تكمن في عدم توفر الآلات والمعدات المتخصصة، وإننا نواجه الكثير من الصعاب في سبيل الحصول عليها.

أيضا هناك الصعاب في حرية السفر والانتقال للمشاركة في المعارض الدولية والمؤتمرات. لذا أود التقدم بأسمى آيات الإحترام والتقدير والشكر لسعادة السفير مؤيد الضلعي سفير مصر في رومانيا،  والسيد نادر شبل القنصل المصري للشئون الثقافية والفنية لما قدموه من التسهيل والدعم لمشاركتنا في سيمبوزيوم سناجوف الدولي في رومانيا وحضورهم حفل الختام.

 

- ما هو الطموح الراسخ في صدرك اتجاه فن النحت؟

إن عدد النحاتين المصريين قليل جدا بشكل يؤلفون فيه فئة نادرة في المجتمع المصري. لذا أطمح أن يأخذ النحت مكانة أفضل وجزءا أكبر من دعم الفنون.

 

- ما هو المشروع الذي لا تزال تحلم في إنجازه؟  وما الذي يمنعك عن تحقيقه؟

أنا مهتم بتقديم تركيبة حديثة بلمسات مصرية أبرهن بها أن المصري القديم لا زال حيا حتى النهاية، لذلك حلمي أن يكون لي عمل في كل مدينة في العالم تمثل روح هذا الفن. وما يمنعني عن تحقيقه هو احتياجه لوقت طويل لإنتاج القطع وتسويقها ونقلها على المستوى العالمي.

 

- لماذا اخترت #kairovski أن يكون علامة تربط جميع ما تتحدث به عن أعمالك؟

كايروسكي هو لقب تم منحي إياه.. بدأت القصة عام 2016 في سيمبوزيوم BUC للنحت، حيث قام الفنان الراحل "باول بوبيسكو" من مدينة ترجيجيو، مسقط رأس رائد النحت الفنان الروماني "كونستانتين برانكوشي"، بإطلاق لقب Elgrande Lacoste، أي التمساح العظيم، عليّ نسبة لأصولي المصرية، بلاد النيل. وبعد مرور الوقت، في عام 2021، كنت أشارك الفنان العزيز الجورجي "أليكساندر فوفخادزي" في ملتقيات النحت، وقد كان بيننا تقارب في الطباع والصفات، فوجدته قد أطلق عليّ لقب "مختار كايروسكي" نسبة إلى القاهرة، مدينتي التي أعتز بها وبجمال أحيائها وتاريخها.

وحينما كان لزاما عليّ إيجاد علامة تسويقية لي بعيدا عن اسم "محمود مختار" النحات المصري العظيم، حيث لا أجد لي حقا باستخدام لقبه بالتسويق لنفسي. وكنت قد أحببت اللقب حقا لتعبيره عني وربطه بمصريتي ورمزية القاهرة والنيل، ولتشابه وقعه مع اسم الموسيقار العظيم "تشايكوفسكي"، فكلما سمعته شعرت بيداي تعزفان ملامح منحوتة جديدة.

 

- برأيك، كيف من الممكن أن يتم دعم الموهوبين الجدد؟

باعتقادي أن إيجاد قنوات تواصل بين الفنانين والموهوبين أو مختصي الفنون، وتوجيه الدعوات لهم لإقامة معارضهم في مصر هو أمر أكثر من جيد لدعم الموهوبين المصريين ووضعهم على بداية الطريق، وهذا يقع ضمن دور الأكاديميات والمؤسسات الفنية.

لقد كنت أقوم بمثل هذه الأمور حتى بالتعاون مع المراكز الثقافية التابعة للمؤسسات الدينية.

 

- هل تبنيت أحدا لتدعمه في مجال النحت؟

الحمد لله، لقد قدمت الدعم للكثيرين ولم أبخل يوما في علمي على أحد، فالعلم هبة وأمانة علينا تناقلها. لكني للأسف لم أتبنى أحدا، لم يحصل ذلك حتى الآن، ولكني أتمنى ذلك حقا.

 

- برأيك، ما هي الشروط الواجب توفرها في من يريد ممارسة النحت؟ وهل يستطيع أي شخص البدء في هذا المجال؟ أم هناك مؤهلات عليه الحصول عليها مسبقا؟

باعتقادي أن هناك شرط واحد يجب تحقيقه للبدء؛ ألا وهو أن يكون محبا للنحت. أما عن الاستمرارية في المجال فعليه التحلي بالصفات التالية: أن يؤمن بتكامل العلوم، وأن يمتلك ثقافة بصرية، وأن يكون صبورا، لديه الاستعداد للتعلم، وأن يثق بمعلمه وموجهه. فمن الأمور المخيبة للآمال هو لجوء أحدهم إلى أحد فناني النحت، ليعطيه تمرينا يساعده في فهم أمر ما، ليعود إليه حاملا أقوال زميل آخر قد نصحه بألا يقوم بهذا التمرين، وأن يطلب تمارين أخرى تبعا لوجهة نظره هو. هنا على المرشد الانسحاب من التوجيه، لأنه لا توجد ثقة يُبنى عليها العلم والتوجيه، ولا يمتلك من الصبر ما يجعله يمتثل لصعود السلم درجة تلو الأخرى، بل يريد القفز... والمعروف أن من يقفز على السلم سيسقط في النهاية.

 

- حدثنا عن معرضك الأخير

كان اسم معرضي الأخير "وجوه من البازلت". كان يضم اثنان وعشرين قطعة حجرية، بالإضافة إلى ست وسبعين قطعة خزفية، ومئة وخمسين وحدة خزفية صغيرة الحجم تكرارية مستخدمة في التكوينات.

اخترت أن يكون العرض في ثلاث تكوينات رئيسية مرتبة حسب مسار الزيارة، وهي: عودة إيزيس؛ وقد كانت مكونة من خمس قطع من البازلت وثمان قطع من الخزف بتقنية البريق المعدني. أما التكوين الثاني هو  "لقاء الأرواح"؛ وقد كان مكونا من ست قطع من البازلت، وحجرين من الشيست. وأخيرا التكوين الثالث "الجيل الجديد"؛ الذي كان مكونا من خمس قطع من رخام الجلالة، وأربع قطع من الخزف.

كل ذلك بالإضافة لوجه من البازلت باسم "التفكير في المستقبل"، وآخر باسم "صفاء البازلت"، وأخيرا جوهرة المعرض، وهي بورتريه من الجرانيت باسم "نفرتيتي 2023" بارتفاع خمس وستين سنتيمترا، وهو من أحب الأعمال إلى قلبي.

 

- ما الذي يطمح له أي نحات من خلال إقامة معارضه؟ وما الذي حققه محمود مختار من معارضه؟

الفكرة من إقامة المعارض هي فرض لرؤية الفنان، وخلق تبادل ثقافي، فأنا أعتبره كمنتديات الشعر التي كانت تقام أيام الجاهلية في سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز. فهي فرصة للتفاعل مع المتلقي وسماع وجهات النظر والتحاور حول المحتوى الفني، والتطرق لبعض الأمور التقنية التي بدورها قد تنعكس بشكل إيجابي على مضمون ما سيقدمه الفنان مستقبلا.

لقد حققت في معرضي اجتذابا لجمهور جديد، وسماع وجهات نظر مختلفة فتحت أفق التفكير لدي وأضافت لي الكثير. وبرأيي أنه من يريد النجاح عليه أن يأخذ كل الملاحظات بعين الإعتبار دون تجاهل لأي ملاحظة.

 

- ما هي خطوة محمود مختار القادمة؟

حاليا أقوم بالتجهيز لمعرض صغير مع صديقي المصور الإنجليزي "مارك باتلر" في أتيليه القاهرة في الأسبوع الأول من شهر مايو. كذلك أقوم بتحضير بعض النماذج لتقديمها إلى ملتقيات النحت في الخارج، وأتمنى أن يوفقني الله فيما أسعى إليه.


2:19 م / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة