كان يحبها لدرجة الجنون..ولم يتوقف يوما عن قطع المسافات لرؤيتها ولو من بعيد. وقد أحبته حتى امتلأ قلبها بالفنون. تراسلا مرارا عبر الأزمان والأمكنة دون وسيلة. كانت تناديه فيأتي لاهثا، وفيروز تغرد فوق رؤوسهما في كل لقاء. كان كل شئ جميلا ورائعا لدرجة الكمال المبطنة بالنقص.
ثم أتى إليها يوما حزينا، فقالت له: ما الذي حصل؟ ما الذي أحزن عيناك؟ قال: ستحزنين ولا أريدك أن تتحزني... قالت: قل لي دون أن تتردد... فقال: في حياتي فتاة أخرى...ولم يكمل..
نظرت إلى عيناه وغرقت بالكلمات والتنهيدات والمشاهد والتكهنات، وأمسكت بحلقها غصة تخنقها، وكبلت قلبها عن النبض صرخة شاهقة..
لكن أناتها أيقظتها مما فيه من تسمر، فأشاحت بوجهها وذهبت مطلقة العنان لقدميها دون أن تلتفت خلفها....
ولم يلتقيا مرة أخرى
كانت صغيرة لا تعرف شيئا... لم تعرف سوى أن تحب.. أن تنتظر..أن تهرب
ثم شاءت الأقدار لقاءهما صدفة في أكثر الأماكن استبعادا للقاء
قفز قلبيهما معلنان عهدا جديدا .. وامتلأت الحياة ورودا مرة أخرى...
لكن...
لم يعد شئ كما كان...
سألته لمَ لمْ تعدْ؟ فقال: لم أعتقد أنك ستريدين لقائي. قالت: لكنك لم تحاول!!
فأبقى على الأسئلة حائرة في السماء دون إجابة..دون أن يبذل جهدا لتلتئم الجروح
واعتقدت أن كل شئ سيمضي اتجاه الأفضل... اتجاه شروق جديد وآمال جديدة.
وبدأت الأيام تواصل مرورها بجفاء لتتسلل الغربة إلى أرواحهما فتباعدا مرة أخرى...
لم تعد تراه فارسها... لم يعد حبيبها... لم يعد صدى الكلمات يؤلمها شوقا
ثم أتاها أخيرا قائلا: يجب أن نبتعد.. لن أستطيع أن أقدم لك ما تنتظرين.. هناك جبال تفرقنا وليس لدى الطرق والجهد لأعبرها.
تراءى لها المشهد الأخير... اتفقا على أن يفترقا دون الوداع... دون حب... دون وعد باللقاء أو الأمل...
وبعد أشهر رأته مع فتاة أخرى .. لكنها لم تكترث..
فلقد كانت دماء قلبها تلوث يديها بعد ذلك اليوم
ولسخرية القدر أتاها بعد أشهر أخرى يريد محادثتها ..متعللا بالاطمئنان عليها.. فأنهت انتقامها وأسدلت الستار على المشهد الأخير
فقد غرزت فيه ذات السكين الذي قتلت به قلبها ...
لتدير ظهرها له وتمضي رافعة رأسها متعالية متمايلة في مشيتها منتشية تدق الأرض بكعب حذائها العالي معلنة انتهاء المشهد، على وجهها فرحة الانتقام ونشوة استرجاع ما فقدت باسم الحب، حاملة قلبها على يديها مشيعة إياه إلى مثواه الأخير.
#أفنان_زعيتر #مجلة_أفنان #قصة_قصيرة #إلى_مثواه_الأخير #الستارة_الحمراء #قصة_مجنونة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.