اختفاء سراج تاكفور.. رواية متعددة التصنيفات
رعب، وألغاز، ودراما، وتشويق
مقدمة عن رواية اختفاء سراج تاكفور
هي ثاني روايات الكاتب المتميز بأفكاره إسلام سمير عبد الرحمن، وهو مدرّس قواعد بيانات من مواليد مدينة الإسكندرية بعد رواية "أبو الكرامات.. الإرث الملعون" -تستطيعون قراءة المراجعة عنها من هنا-
تصنف الرواية على أنها من أدب الرعب النفسي والخيال والألغاز والدراما، جاءت في 203 صفحة، نشرتها المجموعة الدولية للنشر والتوزيع - بورصة الأدب - عام 2020.
غلاف الرواية
الغلاف معبر جدا عن محتوى الرواية، فهو يتكلم عن شخصيتي الرواية الأساسيتين، وعن علاقتهما بالكتابة، وكيف أن تلك الشخصية الكبيرة بالسن لها علاقة بسحر ما أو شعوذة.
و أما لون الغلاف فهو يعبر عن الظلام الذي يحيط بالقصة والشخصيات ومضمون الفكرة نفسها.
وفي الخلفية في الصورة هناك صورة باهتة للتعبير عن بعد الأحداث، عن الاحتلال العثماني الذي أسقط خلافة المماليك في مصر.
أشعر بأن الغلاف كان من الممكن أن يكون بطريقة أكثر جاذبية للقارئ، إلا أنني وجدته معبرا عن المحتوى بشكل جيد.
فكرة رواية اختفاء سراج تاكفور
القصة مركبة، قصة داخلها العديد من القصص المتراكبة. جميعها تشترك في نقطة البحث في سبب اختفاء الشخصية المسماة باسم سراج تاكفور، بطريقة مشوقة ذات ألغاز مترابطة.
تناقش الرواية فكرة أن الموهبة لها ثمن مخفي، وأن الإلهام يأتي للمبدعين عبر بوابات مع عالم الجن، وكيف أنهم كانوا يعتقدون في العصور القديمة أن لكل شاعر شيطان مكلّف بإلهامه.
يطرح الكاتب فكرته عبر حكاية سراج تاكفور الكاتب المشهور في عصرنا الحالي، وحكاية جده الأكبر علي الهمامي المصري الكاتب الفذ الذي عاش أيام الغزو العثماني لمصر بعد إسقاط حكم المماليك عام 1517.
ثم يبدأ الكاتب بسرد قصص قصيرة في كل فصل ليجمع أحداثها في النهاية، ليكون أبطال هذه القصص القصيرة هم:
حسناء، محمد علوي وبطل قصصه أكرم فريد، شهاب الحاوي المقاوم للأتراك ونصير قنصوة الغوري (آخر حكام مصر من المماليك) وسرقطاي الانكشاري المغتصب، أنور عبد الرحيم وبطل قصته سراج تاكفور، و حشمت مراد وأبطال قصته النقيب صفوت فراج الشرير والرائد عزمي زهير الجيد، و أبو بكر سالم وأبطال قصته صفوت فراج الشرير والرائد عزمي زهير (مثل الكاتب حشمت مراد)، رامز شوكت وبطل قصته مجدي لبيب، والمؤلف (حيث يحكي الكاتب عن نفسه).
حيث عنون كل فصل باسم إحدى شخصيات الرواية، ليكتب تحتها قصة قصيرة، ليربطها في النهاية بالقصة الأصلية التي يتحدث عنها وهي اختفاء سراج تاكفور.
نقد في الرواية
الرواية ذات فكرة مميزة وجديدة. بداية من مناقشة مصدر الإلهام للمبدعين، وانتهاء بطريقة وضع الحكاية كمجموعة من الصناديق مختلفة الأحجام والتي يحوي كل منها الآخر.
طريقة السرد جميلة وجذابة، لكنها مملة جدا في بعض الصفحات، حين استرسل الكاتب في الوصف للأماكن والشخصيات بطريقة مبالغ فيها أحيانا، لكن الوصف كان دقيقا وإني أرى أنه يخدم الرواية حال تحويلها لدراما تلفزيونية.
كما جعل الكاتب من فصل (خط الزوال) فصلا مملا غير جذاب، رغم أنه لبّ الرواية وشرحها. حيث أجد أنه كان بإمكان الكاتب تقسيم تلك الفقرات والأفكار، التي تحوي في سردها أمورا تاريخية، وتضمينها بطريقته المميزة داخل تلك القصص التي سردها، أو أن يجعلها في قصة جديدة لا تحوي كل ذلك الجمود ككتب التاريخ.
أعجبتني طريقة الربط بين القصص، وشرح التلاعب في نهايات الروايات، فقد كان ذلك ممتعا جدا ومشوقا.
قصة محمود علوي لم يفسرها الكاتب، حيث لم يتكلم صراحة عن ماهية هذه الشخصية وعلاقتها بسراج تاكفور، لكني أعتقد أنه أحد أجداده. حيث كان يستخدم ذات الطبق في التواصل مع العالم الآخر، وانتهى به الحال بطريقة غير مبررة.
الأمر الذي أثار دهشتي في الرواية، هو حب الكاتب الحديث عن نفسه أثناء كتابة الرواية، وأن إلهام الرواية قد أتى من العالم الآخر أيضا، فيوحي لك ببعض الرعب النفسي، خاصة أنه استخدم ذكر أسماء ومسميات على طول الرواية، من دور نشر، لشخصيات، لحقائق تاريخية، يوحي لك من خلالها جميعها أن ما يتحدث به هو حقائق مسلّمٌ بها، وإني لأقدر الكاتب على ذلك التلاعب الذهني بعقل القارئ لإدخاله في عالم روايته وشخصياتها وجعله مؤمنا بها متفاعلا معها.
كما أعجبني جدا في هذه الرواية النضج الأدبي للكاتب، حيث استخدم كلمات عربية فصيحة جميلة، جعلني أبحث عن بعضها لمعرفة معناها، وتلك نقطة مهمة تحتسب للكاتب. كما أن هذا الرواية قد خلت من الأخطاء اللغوية والإملائية إلا القليل جدا، وهو أمر جميل أجده في إصدارات بورصة الأدب بعد قراءتي لأكثر من كتاب من إصداراتها، وهو أمر أجده مميزا لهذه الدار.
كان الكاتب على طول الرواية يتنقل بشكل سلس بين الشخصيات، وبالرغم من كثرة الشخصيات المستخدمة، إلا أنني لم أجد صعوبة في ربطها وحفظها كما يحدث لي دائما.
لكن الأمر تسبب لي بألم في رأسي .. من جعلي ألفّ بأفكاري في دائرة مغلقة، أطلق إليها أية معلومة جديدة لتسير في ذات المدار، فدار رأسي مرارا مع دوران الأحداث خلال تلك الدائرة، وجعلني آخذ وقتا أطول في قراءة الرواية، حيث أنني كنت أقع في النوم كلما حاولت البدء في القراءة... لكني نجحت أخيرا وأنهيتها بشكل جميل.
لم أحبذ في الرواية ذكر أسماء الشياطين -ولست أعلم إن كان أمرا حقيقيا أم لا- حيث أني تجنبت قراءة ذلك المقطع لأسباب شرحتها مرارا في مراجعات أخرى تتحدث عن العوالم الأخرى وتعاويذها.
فهي وإن كانت غير كاملة، وأنها لا خوف منها، فهو أمر مشكوك فيه، وأمر يتسبب بالأذى غير المباشر للقارئ والمشاهد الذي يشاهد دراما تحوي ذات الشئ، وإن أردت التأكد من صحة كلامي، لاحظ الجو العام لمنزلك قبل مشاهدة فيلم رعب وبعده، وقبل قراءة رواية تتحدث عن هذه الأمور وبعدها... وأخبرني... ألم تحدث مشاكل ومشادات غير مبررة!!! ألم تشعر بانقباض سئ في قلبك وروحك ولم تستطع التسرية عن نفسك؟
ذلك ما أتحدث عنه.
وإني أنصح الكاتب الرائع بعدم اللجوء إلى هذه الأمور، فعدم ذكرها لا يقلل من شأن الرواية وفكرتها بتاتا، بل بالعكس... يجعلها أكثر راحة للنفس.
أعجبني المشهد النهائي للرواية، حيث أنني بالرغم من توقعي للنهاية، إلا أنه جعلها جميلة، ثم بدأ يخرج بك من جميع القصص التي أدخلك فيها، كمن يخرج من الصناديق المتداخلة واحدا تلو الآخر، أو يخرج بك من شاشة تلو الأخرى بعد أن دخل في التفاصيل كمن يعمل zoom على صورة كبيرة ليغوص في تفاصيل تفاصيلها.
هل كانت رواية كاملة؟ أجل، لكني أرى أن الكاتب رغم جهوده الواضحة والمميزة في الرواية إلا أنه كان باستطاعته كتابة الرواية بشكل أجمل وأكثر جاذبية وجمالا.
ميزات الرواية:
لغة عربية قوية
فكرة مميزة
حبكة فريدة من نوعها
نهاية جميلة
سلبيات الرواية:
حكاية محمود علوي غير معروف قرابتها من سراج تاكفور
السرد بالوصف التفصيلي للأمور بشكل مبالغ فيه أحيانا
فصل خط الزوال غير جيد.
النهاية قد تكون أكثر جمالا وحبكة لو تم إعادة صياغتها.
تقييم الرواية 8/ 10
قصة جميلة تستحق القراءة.
أنهيتها في خمسة أيام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.