إعلان رأس الصفحة

الخميس، 15 سبتمبر 2022

مراجعة في رواية " محطة الرمل " للكاتب " أحمد سلامة "


محطة الرمل.. هل هي مكان أم محطة أحزان


رواية محطة الرمل للكاتب أحمد سلامة


مقدمة عن رواية محطة الرمل

هي أولى روايات الكاتب الشاب أحمد سلامة، وهو طبيب باطنة من مواليد الاسكندرية، وهو عضو إدارة تحرير أول سلسلة كتب للمدونين المصريين، ومستشار للتحرير بدار دوّن للنشر والتوزيع.

تصنف الرواية على رواية رومانسية اجتماعية حزينة جاءت في 290 صفحة، نشرتها دار دوّن للنشر والتوزيع عام 2013، لتستمر الدار في طباعتها حتى وصلت للطبعة 16 عام 2021 في معرض الاسكندرية للكتاب.

غلاف الرواية

غلاف جميل وجذاب، لكني حقيقة لا أدري لماذا أشعرني بمدى الحزن الذي تحمله تلك الصفحات،  فهو لا يحمل أي معنى سوى صورة من محطة الرمل من داخل سيارة تحمل صليبا. قد أكون قد اعتقدت بداية أن المحتوى عبارة عن قصة حب بين شخصين من ديانتين في تلك البقعة من الاسكندرية، لكن الغلاف لا يصف سوى مكان لقاء بين بطلي القصة، والصليب الذي يشير إلى بطل آخر ... وقد يكون وصف الغلاف للمشهد الأخير للرواية، وذلك أقرب ما يمكن من التكهنات عن الأمر الذي جعل الكاتب يختار ذلك الغلاف، فقد رسم الكاتب مشهد الرواية الأخير في محطة الرمل، خلف تمثال سعد زغلول، وسيارة الصديق المسيحي منير.

فكرة رواية محطة الرمل

تحكي الرواية قصص مجموعة من الأشخاص المختلفين ثقافيا واجتماعيا وأخلاقيا لتجمعهم الصداقة بطرق الصدفة والتخطيط. ثم يحكي لنا الكاتب عن ماضي كل منهم، وكيف وصل إلى تلك النقطة حيث اجتمع الجميع. 

وقد اعتمد الكاتب عنونة الفصول باسم الشخصيات ليحكي باسمها الأحداث، ويروي ذات الأحداث أحيانا من منظور كل شخصية. 

هذه الشخصيات هي: نور (بطل الرواية)، وصديقه منير المسيحي، وصديقتهم زهرة، وصديقتهم الأخرى حبيبة. وهذه هي الشخصيات الأساسية. 

لكن هناك شخصيات أخرى ثانوية في الرواية، هي: والد حبيبة، وزوج حبيبة، وابن حبيبة، وربيب حبيبة، وزوج زهرة ووالده ووالدته، ووالد زهرة ووالدتها، ونوران أخت نور، ووالده ووالدته، وسلمى زميلة منير في الجامعة، وجورجيت زميلته الأخرى، ووالد منير، والقسيس، ونجوى.

نقد في رواية محطة الرمل

استطاع هذا الكاتب في روايتيه "الزعفرانة"  ومحطة الرمل أن يشدني بطريقة رسمه للشخصيات، حيث يجعلها كمن يشاهد مسلسلا على ورق، فترى الشخصيات تتحرك أمامك وتسمع حديثها ونبرة صوتها وترى ملامحها عند كل انفعال. وإني أرى أنه قد نجح في إيجاد الوصفة السحرية للرواية ممثلة بالموازنة بين الوصف والسرد والتعقيد والتشويق والحوار، حيث ينثر بعضا من كل شيء في كل فقرة، لتخرج مشهدا دراميا متكاملا.


كانت تنقلات الكاتب بين الشخصيات والأحداث والمواقف سلسلة وبسيطة. يعود بك إلى الماضي، ثم يرجع بك إلى الحاضر، وتشعر بأنك تمسك بيده ببساطة ليأخذك أين ما يريد.

كما أن حديثه عن المواقف من منظور كل شخصية أضاف متعة ما بعدها متعة، فهل يذكر أي منكم تلك اللحظات التي تسرح بها شاردا بحديث أو موقف حصل معك تحاول معرفة ما الذي كان يراه الطرف الآخر فيه! تلك هي المتعة، بأن ينتقل بك من عقل لآخر، ومن نظرة لأخرى كمعالجة نفسية لحظية للموقف.


أحسست بأن الكاتب قد وضع من نفسه الكثير في هذه الرواية، وإني أعتقد أن كثيرا من الأحداث لم تكن من خلق مخيلته، وإنما اجتهد ليضعها ضمن الإطار الروائي الذي رأيناه. وإني أجد ذلك نقطة إيجابية جميلة في حق الكاتب والرواية.


لكن بدء الكاتب مشواره الكتابي بهذه الرواية كان واضحا للقارئ بشكل جلي؛ من خلال الأخطاء اللغوية المتناثرة بين السطور، والسقطات في محاولة الربط بين الشخصيات والأحداث، وأيضا من خلال وجود نواقص في الأحداث تجعلك تشعر أن الأمر ليس مجرد نهايات مفتوحة، وإنما هناك جزءا ثان للرواية، وهو أمر غير صحيح -على الأقل حتى الآن-.

على سبيل المثال لا الحصر؛ العلاقة غير المنطقية بين نور ونجوى، والتي جاول الكاتب جاهدا نفيها بكل الوسائل ليجعلها في النهاية تحدث فقط ليجعل حدثا مهما يحصل.

أيضا كان هناك قصة سلمى التي انتظرت متشوقة لأجد استكمالا لها بأي طريقة كانت، لكني لم أجد مبتغاي بين تلك السطور، وبقي فضولي معلقا معها. وذلك ما فعله الكاتب تماما بقصة زوج زهرة. كما أن الكاتب كان يوصل للقارئ إشارات معينة عن علاقة نور وزهرة، وحاول مرارا زرع الشك بها، لينفيها مع الصفحات الأخيرة للرواية بطريقة غير منطقية وغير مترابطة مع الأحداث والوصف الذي بدأ به. وهناك حكاية نوران التي كان الكاتب وكأنه يتردد في الحديث والاسترسال عنها.

قرر الكاتب جعل منحى الرواية حزينا منذ البداية حتى النهاية، دون مشهد كوميدي واحد. وقد كانت القصص المطروحة مؤلمة تعالج مشاكل اجتماعية يعاني منها الكثيرون، لكنه جمعها كلها ليضعها في إطار صداقة مجموعة من الأشخاص مختلفين في الثقافات والخلفيات الاجتماعية، كما أنه منع عن تلك الشخصيات الافصاح لبعضهم والتفاعل فيما بينهم لمعالجة تلك المشاكل، ولكنه اكتفى فقط بعزلتهم عن بعضهم وخجلهم من الحديث عنها كل منهم للآخر.

استطاع الكاتب على طول سطوره التي خطها التلاعب بعقل القارئ من خلال التلاعب بوصف الأحداث، فيجعلك تتخيل أمرا ليفاجئك بحدوث أمر آخر، وهو أمر في مجمله جميل، إلا أنه كما وضحت سابقا قد جعل الأمر يفقد إقناعه في بعض الأمور. ليوصل القارئ في النهاية في ميناء التصور الذي يريده والأحداث التي رسمها فيجعلك تعاني من صدمة من الأحداث التي خبأها في طيات المواقف طوال الرواية، ثم يجعلك خالي الوفاض من نهاية أنت تريد الوصول إليها، فلا تحس بأن النهاية مفتوحة كفاية لترسم ما تتخيله من أحداث تتمناها أن تحدث، بل هي نهاية مخطط لها ومشار إليها بين الأسطر منذ البداية، لكنه لم يلجأ إلى التفاصيل والوصف الكافي ليشعرك بماهية النهاية التي كتبها.


التقييم: 6.5

رواية جميلة وممتعة، ذات سرد جميل. تستحق القراءة رغم نواقصها.


اقتباس

من الاقتباسات الجميلة في الرواية... أكثر ما أعجبني هو وصف مشكلة حبيبة التي تعاني منها بشدة، والتي وجدتها تلخص وجع كثير من الفتيات..




أيضا هناك اقتباسات أخرى أعجبتني:

“-وهل نعبد الله ونحن ملعونون؟
-نعبد الله ونحن أي شيء، نعبده ونحن ملعونون أو مكرَّمون، عبادة الله ليست وقفًا على ما نفعله لأنفسنا، كل شرٍّ بأيدينا وكل خيرٍ بيد الله، هل لديك شكٌّ في ذلك؟
-كل شرٍ بأيدينا، أي خير ننتظر في هذه الدنيا إذن؟
-يكفيك أن تقاوم الشر نفسه، هذا خيرٌ فـي حد ذاته.
-وهل نقاوم أنفسنا ونحن شرٌ يمشي على قدمين؟
-فقط إذا رأيت أنك شر تكون شرًا”


------------
“لاحظت بعد دقائق قليلة أنها تبتسم طيلة الوقت، تبتسم وهي تسلم، تبتسم وهي تسأل، تبتسم حتى وهي تعاتب على شيءٍ ما، كانت فاتنة كما أُريد للفتنة أن تكون، وكنتُ لا أثق بأي إنسان في تلك الأيام، ولا حتى في نفسي، ولا أسمح لأحدٍ بدخول دائرتي بسهولة. أعتزل الناس قدر المستطاع، أحب القطارات والأماكن العامة فقط لامتلائها بالغرباء المريحين الذين لا يطلبون شيئًا، ولا ينتظرون مِنِّي أكثر من صمتي، أما بالنسبة لها فكنت قد قررت منذ رأيتها في هذا البورتريه الرائع الذي لم أرَ مثيله قَط أن أفتح لها بعضًا من الأبواب دون الآخرين

-----------

2:22 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة