في عالم
يخلو من المثالية و الاهتمام بالكفاءة وحدهايعاني معظم الخريجين والباحثين عن عمل
من عدم حصولهم على فرصة عمل، أو الحصول على وظيفة في صميم تخصصهم. فما هي نظرة
صاحب العمل؟ وكيف يرى المتقدمون للعمل شروط التوظيف؟ وما رأيهم بالأسئلة المطروحة
خلال المقابلات؟ كاشتراط بعض الجهات في طلبات الوظائف الخاصة بالإناث؛
أن تكون عزباء، وإن كانت متزوجة أن تكون بلا أولاد، وأن تكون غير متحجبة، وغيرها
من المواصفات التي من المفترض أن تكون في المتقدمـة، بالرغم من عدم وجود صلة بينها
وبين مجال العمل الذي تتقدم إليه...
يقول
بروس هورويتز وهو صاحب والمدير التنفيذي لشركة HSS للتوظيف:إننا
لسنا في عالم مثالي، لذا فإن اللباس والمظهر و الحالة الاجتماعية والسلوك على
الانترنت هي نقاط تؤثر في التقييم للقبول للعمل، لذلك فإن عدم لبس خاتم الخطوبة هو
ليس كذبا، فما كل خطبة تنتهي بالزفاف، و ليس من شأن المدراء معرفة أنك تخططين
للزواج. إن لبس الفتيات لخواتم خطوبتهن عند التقدم لعمل يؤثر في تقييمها و قبولها في
العمل. فإن كان خاتمها ثميناً سيرى من يجري المقابلة أنها فتاة متطلبة، وإن كانت
إمرأة فستبدي التخوف من طموحها وتطلعها من أن تحتل موقعا متقدما عنها.
وأضاف: يكون
التفضيل فيما بينهم على أسس وعوامل تقع خارج نطاق مؤهلات العمل، أهمها هو: تُرى هل
سينسجم المرشح للوظيفة مع ثقافة وبيئة العمل ويناسبها أم لا. هذا هو عالم الواقع،
وعندما أسدي نصائحي للعملاء الذين يطلبون المشورة الوظيفية، فإنني أعتمد على
الواقع، لا على المثاليات.
أم
أسامة، خريجة علوم، قالت: حاولت كثيرا إيجاد عمل مناسب في أي مجال يمت بصلة
لدراستي، وتم رفضي مرارابسبب عدم إتمام سنوات الخبرة المطلوبة، أو بسبب التخصص، أو
بعد مكان السكن. وبعد أن تزوجت، بدأت أسئلة أخرى تواجهني؛ ما هو عمل زوجك؟ أين
مكان عمله؟ هل لديك سيارة ورخصة قيادة؟ هل لديك أطفال؟ هل أنت حامل؟ وأدهشني هذا
التدخل السافر في صلب خصوصيات لا تتعلق بالعمل، في حين لم تؤخذ مؤهلاتي العلمية
بعين الإعتبار.
وأضافت: تقدمت لعمل في إحدى المدارس
الخاصة، فأرادوا توظيفي براتب قليل جدا بسبب عدم استيفائي لسنوات الخبرة، بالرغم
من أني أحمل شهادة عليا في تخصصي، لأكتشف بعدها أنني سأكون بمسمى مساعد معلم أيضا،
وليس لي أي أمل في الترقية أو التقدم بالعمل أو الحصول على خبرة بالرغم من كوني
سأعمل بوظيفة معلم كاملة. واستطردت قائلة: من خبرتي الطويلة في المقابلات، قليل
هم من يقرأون السيرة الذاتية، فهم يتفاجأون بعدم وجود الخبرة أو الزواج، أو حتى
الدرجة العلمية.
محمد
هشام نايف، 21 سنة، درس الهندسة الكهربائية ولم يكملها، قال: تعتمد أغلب الشركات
على قواعد وشروط خاصة في نظام قبولها للمتقدمين على الوظائف الشاغرة، من أبرزها سنوات
الخبرة، والتي تعتبر من أكبر المعوقات التي تواجه الشباب حديثي التخرج أو من لا يمتلكون
سنوات طويلة من الخبرة.
إن آلية المقابلات القائمة على
الأسئلة وعلى السيرة الذاتية لا تُمكّن أصحاب العمل من معرفة المتقدم وقدراته بشكل
يقيني، ولا تمكن المتقدمين من إثبات جدارتهم وقدراتهم الحقيقية، ينتج عنها توظيف
من هم أقل كفاءة. أيضا من سلبيات آلية المقابلات الموجودة حاليا، أنهم بعد رفض
الطلب لا يقومون بتبيان أسباب الرفض لأتمكن من اصلاحها وتطوير ذاتي. أعتقد بوجوب
استحداث آلية توظيف تعنى بإظهار قدرات المتقدمين للعمل بشكل عادل.
آلاء
محمد، مهندسة حاسوب، قالت: قد بدأت رحلة البحث عن عمل منذ ثلاث سنوات ونصف، لأواجه
رفضا دائما بسبب سنوات الخبرة الطويلة، وامتحان الأيلتس.
وأضافت: بحثت عن عمل عن طريق الصحف
ومواقع التوظيف، لكن القليل فقط من عاود الاتصال بي، منهم شركة وصلت معها للحصول
على عرض العمل، لكنهم لم يتواصلوا معي بعدها... كل ذلك بدون إبراز مبررات واضحة
للرفض، مع أنني أبحث عن مجال عمل الشركة قبل الذهاب إلى المقابلة، وأتحضر جيداً
للمقابلة دون فائدة.
مها يونس،
كلية الاقتصاد، خريجة جديدة، قالت: ما زلت أبحث عن فرصة منذ عشرة أشهر، لا أحد
يميل لإعطاء فرصة لخريج جديد... أعتقد أن ذلك قمة الإجحاف.. فماذا علي أن أفعل حتى
أنال فرصة عمل؟
في إحدى
المرات حصلت على مقابلة لوظيفة مندوبة في إحدى الشركات المتخصصة بالمشتقات النفطية
عن وظيفة مندوبة، لكني تفاجأت بهم يشترطون علي نزع حجابي لقبولي في العمل، وطبعا
رفضت أن أتنازل عن أمور تمس ديني. إنني أتساءل، لماذا لا تكون المحجبة مرغوبة في
تمثيل شركتها أمام الناس؟
أيضا تم
قبولي في إحدى المدارس الخاصة كموظفة موارد بشرية لفترة تجربة مدتها شهرين، وبعدها
يتم توقيع عقد العمل، فقبلت لأكتشف فيما بعد أنها استراتيجية يتم فيها استغلال
الباحثين عن عمل في سد احتياجاتهم مقابل مبالغ زهيدة....
وأضافت:
إن الشركات الكبيرة لا تنشر إعلانات عن وجود الشواغر لديها، وإن وجدت أحدها على
الإنترنت كانت مزيفة وغير صحيحة، كما أنهم لا يستقبلون أحدا يتقدم بسيرته الذاتية
إليهم، بل يقولون: "أرسلها على النت" وإن أرسلتها على النت لا أحصل على
أي رد.. هل من الصعب الاستقبال والتعامل بلطف؟
فاطمة ضاهر، خريجة تجارة قسم بنوك
وشركات تأمين، قالت: أبحث عن عمل منذ ست سنوات، كل من قابلتهم يطلبون شهادات خبرة،
وكيف لحديث التخرج أن يمتلك شهادة خبرة؟ ألا يكفيه تميزه الجامعي ومعدله العالي؟
وأضافت: خلال بحثي عن عمل، لم ألتق
بشخص مهتم بكفاءتي، أو كانت أسئلته تمت بصلة للوظيفة المطلوبة، جل اهتماماتهم إبداء
الرفض بسبب بعد مسكني و لأنه لدي أطفال، ومن خلال تجربتي الطويلة في مقابلات العمل أقول،
إنهم لا يفتحون السيرة الذاتية ولا يقرأونها، وذلك جليّ حينما تجلس مع الشخص
ليتفاجأ بالمعلومات المكتوبة، لأنهم يسألون أسئلة وردت إجاباتها سابقا في السيرة
الذاتية.
من جهته، قال المهندس عبد الله
الشحي، المدير التنفيذي لشركة كيو تو للمنظفات العامة: في مقابلات العمل أعتمد على
الإيجابية لدى الشخص المتقدم للوظيفة، وأطلب من الشخص التعريف عن حساب مواقع
التواصل له، فذلك يسهل علي كثيرا في معرفة الشخصية التي أمامي وتبيان اهتماماتها.
ومن جانبي، لا أكترث كثيرا لجانب الخبرة العملية، فإنني أبحث عن شخص لديه قابلية
للتعلم والتطوير والإبداع والطموح، والقدرة على التفكير
خارج الأطر التقليدية، وإيجاد حلول إبداعية للتحديات التي تواجه الموظف خلال
القيام بمهامه. وأيضا أسلوب التعامل مع الزملاء الموظفين وعملاء الشركة هو أساس في
اختيار الموظف.
وأضاف:
يعتبر عدم وجود أسس معتمدة للمقابلات التي
تعتمد على الجانب الشخصي أكثر من الجانب التقني هي أبرز المعوقات التي تعترض من
يتقدم إلى مقابلة عمل. كما أن السيرة الذاتية لا تعطي الصورة الكاملة عن المتقدم
للوظيفة، وهنا يقع القصور فيها، حيث يجب أن تعبر عن الشخص أكثر من أن تكون مجرد
معلومات مكتوبة، وبرأيي إن حسابات التواصل الاجتماعي هي أفضل طريقة للتعرف أكثر
على الشخص.
وقالت إهداء محمد، وهي مدربة معتمدة
في اتحاد المدربين العرب: تعتبر السيرة الذاتية خطوة أولى وتعريفية عن الشخص
المتقدم للوظيفة، إما أن تجعل الشخص يصل للمراحل الترشيحية للمقابلة أو ينتهي بها
المطاف في سلة المهملات، وأما مقابلة العمل فمرهونة بالشخص نفسه وعلى ملكته بتقديم
نفسه وتسويق مهاراته.
واستطردت قائلة: من الأفضل معرفة
كافة المعلومات عن نشاطات الشركة التي حصل فيها على مقابلة عمل، فمن الممكن أن
يثير اهتمام اللجنة ويروا فيه خير معين لهم، كما سيكون باستطاعته عرضخبراته بما
يتناسب مع اهتمامات الشركة. كما عليه أن يكون مرنا ومقنعا ومنصتا جيدا، وألا يتحول
إلى شخص استعراضي هزلي، فعليه الاهتمام بنبرة صوته ولغة جسده عموما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.