رواية "أبحث عنك" مشاعر نسوية بقلم ذكوري، فهل وصل أعماقهن؟
رواية "أبحث عنك"
هي رواية من تأليف الكاتب عمرو المنوفي، وهو كاتب مصري شاب كتب عدة روايات سابقا كان منها في أدب الرعب ومنها في الفانتازيا، وفي الخيال العلمي أيضا، لكن هذه الرواية كانت تحمل طابعا اجتماعيا يخص النساء وتجاربهن مع الطرف الآخر. صدرت عن دار النشر المصرية نون للنشر والتوزيع عام 2018، تحوي 233 صفحة، كتبت باللغة العربية الفصحى.
قصة الرواية
قصة الرواية تقع في البعد الاجتماعي والرومانسي والنفسي، حيث تتحدث الرواية عن عدة فتيات وسيدات يرتبطن ببعضهن بطرق مختلفة قد عانين أو ما زلن يعانين مع الرجال بسبب علاقات حكم عليها بالفشل، لتسرد القصة ما يدور في خلدهن من أفكار وآلام وأمنيات وأسرار، وطريقة تفاعلهن مع بعضهن سواء في اللقاءات أو في النتائج.
تبدأ الرواية بقصة أم مع زوجها "صابرين"، لتنتقل إلى ابنتها إيناس، ثم إلى حياة كاتب وزوجته، ريهام وحسام، وهؤلاء الأربع شخصيات هم أبطال الرواية، وأما صديقة إيناس "هيام" وصديقة ريهام "ريناد، وصديق حسام "طلعت" وابن عم صابرين "أنس"، وعماد الحبيب السابق لريناد،هم توابل الرواية.
حاول الكاتب الدخول إلى تلك المناطق السوداء في عقول الأبطال والتي لم يعرف ما بها سواهم، وسلط الضوء على رغبات الإنسان كيف تتعارض ومصالحه وكيف تتقاطع ومصالح الآخرين، وأنه إذا تم التعدي أكثر فسيكسر الجميع.
مراجعة في الرواية
رواية خفيفة جذابة، تحتفظ فيها بهدوء نفسك، تتكلم عن موضوع تم طرحه عدة مرات من قبل الكثيرين، لكن الطرح قد عالجه الكاتب بطريقته، وسلط الضوء على نفسيات أبطال الرواية وأفكارهم وطريقة حلهم للمشاكل.
كما جذبني غلاف الرواية واسمها في المكتبة، وشعرت بأنه يناديني لأشتريه، وفعليا كنت فرحة بالغلاف لفترة طويلة. ملمس الغلاف والصفحات جيد، والصفحات غير متخمة بالكلمات وفي ذات الوقت ليست فارغة. أيضا أعجبني الاقتباس الذي استخدمه الكاتب في بداية روايته من الفيلم الأجنبي The Shawshank Redemption : "لا توجد لقاءات عبثية في الحياة؛ كل إنسان تصادفه هو إما اختبار أو عقوبة أو هدية من السماء". كما أعجبني إنهاء روايته بشكر أشخاص بعينهم.
لكني وجدت الانتقال من شخصية نسوية إلى أخرى لم يكن واضحا لي تماما، فقد اضطررت للتنقل بين الصفحات للربط بين الأسماء والشخصيات خاصة لأن الأسماء قريبة اللفظ من بعضها، ولأن الكاتب قد ذكر شخصيات أخرى بشكل خاطف، كل ذلك جعل قدرتي على تمييز الأسماء (وأنا لا أحب التركيز فيها بل في الشخصية نفسها) ضعيفة.
وبالرغم من جهد الكاتب في التوصل إلى أعماق أفكار أولئك النسوة، إلا أنني لم أشعر بأنه استطاع فعليا قراءة خبايا سرائرهن، فهو فعليا لم يتطرق إلى مكرهن في محاولة الحفاظ على ما يمتلكن، وأنهن فقط أذعن إلى الأمر الواقع وهو ما لا تقوم به جميع النسوة، حيث في كل مشكلة تكون هناك سيدة قوة وسيدة ضعيفة، لكنه اكتفى بجعل قوة السيدة بمعاملتها الجيدة ولطفها، وهو ما لا يقع على أرض الواقع. كما أنه قد جعل الزوجة تعود وتبكي شوقا دون أدنى جهد من من الزوج ثم تنام في أحضانه فورا، وهذا أيضا عار عن الصحة.
أيضا قد شعرت بالملل في بعض أجزاء الرواية وأخص بذلك منتصف الرواية، حيث شعرت بأن الكلمات والجمل تتكرر دون أي طرح جديد أو إضافة جديدة. بينما قد شعرت بالتشويق الفعلي عند طرح مشكلة ريهام المعقدة واجتماع صديقتها وحبيبها لحل المشكلة، وأحببت ذلك الطرح بتسليط الضوء على كيفية ارتباط شخصيتين مختلفتين ثقافيا واجتماعيا بعقد الصداقة، وما يدور بخلد كل منهما حين وقعت المشكلة وقد ترك ذلك في قلبي أثرا.
تمنيت فعليا أن يتسخدم الكاتب تلك الأفكار التي عالجها سريعا في نهاية روايته -قصة ريهام وإيناس، وقصة ريناد وطلعت- بطريقة مستفيضة أكثر وفي زمان مسبق من القصة بدلا من جعل منتصفها مملا بالحديث خلال فصلي رواية عن صابرين وأنس.... كما تمنيت توضيحا أكثر لشخصية زوج صابرين، ومعالجة أكبر لتلك الشخصية المستفزة لمشاعر الغضب، فقد كنت أتمنى أن أصل لأعلى مراحل الغضب من تلك الشخصية.
بالطبع وكعادة الكتب العربية، فإن الرواية في العديد من الأخطاء الإملائية التي تستطيع جذب انتباهك.
في النهاية... لقد استطاع الكاتب أن يطرح أفكارا مميزة، لكنه لم يوفق تماما في كل الجوانب.
جمل مقتبسة
أعجبتني بعض الجمل في الرواية:
"إن أقسى غربة هي التي تحتويك وأنت وسط الناس، لا زحام أو اهتمام قادر على أن يخرجك من محنتك"
"يسحقك شعور نفسي مدمر بأنك وحيدة، وأن العالم كله ضدك، حتى لو اجتمع كل من فيه على قلب واحد ليدعموك، فأنت عمياء عنهم. لن تريهم ولو أردت، أو تشعري بهم مهما حاولت، ولن يحوذوا ذرة واحدة من اهتمامك"
"إن العشق أنانية، وكل عاشق لن يرى حين يحب إلا سعادته الشخصية، ولو احترق العالم كله بعدها. فقط ليحظى بحبيبه، ومعا يطفئان حرائق العالم المستعرة"
"احتضنت يداه قلمه الذي نسي كيف يكتب به منذ استخدم حاسوبه في الكتابة، ويد تهتز وروح تشتعل كتب: ضيقة هي الدنيا.. ضيقة هي المسافة بيننا.. ألف بحر وألف جسر، وعشرة آلاف سد. والعبور إليك لا يحتاج إلا إلى الموت.. ضيقة هي الأماكن التي تساع حزننا"
"هل من الممكن أن تشعر بالوحدة وأنا بجوارك حتى ولو لم تكتب؟ يغرق في عينيها ويقول: لو أنك بجواري فلن أفضل إلا نوعا واحدا من الوحدة. تنظر إليه في غير فهم، فيستطرد قائلا: أن أكون وحيدا معك أنت فقط دون العالم، وإلى الأبد"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.