إعلان رأس الصفحة

الأحد، 29 نوفمبر 2020

مراجعة في رواية الزعفرانة - موعد مع السيدة الجميلة - للكاتب أحمد سلامة

"الزعفرانة" هل هو موعد مع السيدة الجميلة أم هو موعد مع القدر


 الزعفرانة - موعد مع السيدة الجميلة

رواية درامية رومانسية خيالية من تأليف الكاتب أحمد سلامة، وهو طبيب مصري شاب في مقتبل عمره، تخرج من الطب عام 2011، ورواية الزعفرانة هي ثاني أعماله الأدبية حيث أصدر عملا روائيا آخر هو "محطة الرمل". صدرت رواية الزعفرانة في يناير 2018 عن دار دوّن المصرية، عدد صفحاتها 310 وقد كتبت باللغة العربية الفصحى.

قصة الرواية

تتحدث الرواية عن بطلين هما ياسمينا الجميلة والذكية والمثابرة ذات الأصول المصرية واليونانية التي تشعر بأن لعنة ما قد حلّت بها وبعائلتها وتبدأ بالبحث عن السبب، ويحيى الشاب المصري الوسيم الذي درس اللغات المصرية القديمة بعد وقوعه في حب التاريخ المصري بسبب جده، والذي يشعر بأن هناك لعنة أصابته بشكل ما جعلت حياته تنقلب رأسا على عقب.

تسافر ياسمينا من اليونان إلى مصر لتعود إلى اليونان بعد سنوات، وتعود إلى  مصر بعد عدة سنوات أخرى في رحلات تنقلية كلّ منها قد أثر بها بطريقة لا تصدق. أما يحيى فقد تنقل بين المحافظات؛ بين القاهر وطابا ودهب والغردقة، كما تنقل بين مصر ولندن دون أن تؤثر به الرحلات إلا سلبا وكأنها تنتزع شيئا من روحه في كل مرة.

تتشعب الرواية لتروي قصة كل منها في الماضي مع شخصيات أخرى وتتدرج في حياة كل منهما منذ الصغر حتى نقطة لقائهما. وتتنقل الرواية بين كل واحد منهما في مشاهد أقرب لمشاهد فيلم سينمائي. فتسرد الرواية الحكايا عن ميريت وزينب وجد يحيى وأباه وأمه، وسيباستيان وشخصيات الصالون الثقافي، وبيلا، والجدة روز، وأشقاء الجدة، و زين، والشريف ياسين. 

تنتقل بك الرواية في أخر الفصول إلى العصور الفرعونية القديمة، إلى عهد الملكة حتشبسوت وتحتمس الثالث. لتجد نفسك أخيرا أمام مشهد يثبت أن الحياة بأحداثها كلها ما هي إلا قدر.

مراجعة في الرواية

الرواية جذابة جدا، مع كل صفحة أقرأها كانت تجذبني جدا، وإن كنت لم أحب الجملة الافتتاحية التي استهل بها الكاتب روايته 

"عندما تفرح، أفرح. وعندما تحزن، أحزن. وحين تكونَ، أكونُ أنا أيضًا. لأنني أنت، وأنت أنا"،

فقد شعرت بأنها جملة غير معبرة أبدا كبداية، ولكن ظني خاب مع القراءة لأجد تحفة روائية. حيث برع الكاتب في الحديث بلسان الشخصية، ووصف مظهر كل منها، والطريقة التي تدرج فيها الكاتب في ماضي كلّ من أبطال الرواية حتى لحظة اللقاء في مشاهد متناسقة ووتتبادل الأماكن بين الحاضر والمستقبل وبين الأبطال أنفسهم بطريقة سلسة تجعلك تنهل أكثر فأكثر من كلمات الرواية، والتي وجدت أن الكاتب قد اختارها بعناية أقرب لشخص محب للغة العربية.

تنقل الكاتب بين الشخصيات وحيواتها والظروف التي أحاطتها بوصف كاف دون زيادة أو نقصان، وبشكل لا يجعلك تملّ الشخصية أو تنساها، بل بطريقة مثلى تجعلك تحس بأنك داخل الرواية تبحث في تفاصيل المشاهد عن الأسباب.

لكن وكما توقعت لم يوفّق الكاتب بالخاتمة جيدا، فقد شعرت بأن هناك تفاصيل كثيرة ما زالت تحتاج إلى توضيح، وأسئلة كثيرة راودتني خلال قرائتي لم أجد لها إجابة في الخاتمة، حيث كنت أتوق لمعرفة محتوى الرسائل التي أرسلتها أخت روز إلى روز فجعلتها تسافر عبر القارات سريعا، وكتابة ذات الرسالة من روز إلى ابنتها بيلا، ولماذا أصر الشيخ مسعود على روز على أن تكتب إلى ابنتها، فمن المفترض أنه لا يعلم إجابة السؤال، ولماذا توفيت أخت روز وروز وبيلا بهذا الشكل بعد البحث عن الحقيقة؟ 

إجابات كثيرة ما زالت مفقودة لدي تمنيت لو أن الكاتب قد أشبعها، فإني لست من محبي ترك النهايات دون إجابات، فذلك من شأنه إفساد روعة الرواية لدي.

من نقاط قوة الرواية أن من يجهل التاريخ المصري الفرعوني فإنه سيصدق فعليا ما جاء في ترجمة تلك البرديات التي وجدها يحيى عن تاريخ حتشبسوت، وإن كان المثقف سيستبعد وجود تلك التفاصيل الشديدة خلال سرد محتوى البرديات، وسيشعر بأن هناك لمسات للكاتب في الأمور المطروحة. لكن الكاتب قد نجح فعليا باستغلال نقاط مجهولة في التاريخ ليروي التاريخ من وجهة نظره ومخيلته.

كما أن الكاتب كان يتحدث عن تفاصيل المشاهد دون التطرق إلى لهجة أو طريقة أو كلمات مبتذلة أو إباحية، فقط برع بتوصيل محتوى المشاهد بطريقة تناسب القارئ.

فعليا رواية ناجحة وجذابة لأي قارئ، أنصح بقرائتها والاستمتاع بها.

جمل مقتبسة

  • "كان العمر كلما مر تخففت شيئًا فشيئًا من أحمال المحبين.. وحُمّلت بدلًا منها أوزار ذكراهم.. ولما نظرت معي.. لم يكن شيئًا معي. فعلمت أن وِزر الذكرى أثقل وأبقى من حِمل أصحابها."

  • "لا تفكِر في مشقة الطريق.. فكِر في متعة الوصول".

  • "وهل للوحدة رائحة؟ إن كان للخوف رائحة.. للحزن رائحة.. للاشتياق ألف رائحة.. فكيف برائحة الوحدة؟ وهي مزج مِن هذا كله؟"؟

  • "أصبحت لا أضع أي شئ في مكان معين لاستخدامه مرة أخري, كل شئ يتخذ مكانه وفق ما يحلو له, وأنا أنظر إلي الأشياء بعيني فيختارني منها ما يجب أن يستخدمني, إن اختارتني القهوة شربتها وإن ناداني طعام أكلته وإن جذبني حذاء أو معطف ارتديته وخرجت, لم أعد نفسي وإنما صرت للأشياء".



10:03 م / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة