إعلان رأس الصفحة

السبت، 2 يناير 2021

مراجعة في المجموعة القصصية "حكايات قبل الموت" للكاتبة مُكَرّمْ خلف

"حكايات قبل الموت" خرجت من رعب النفوس دعوة للتمرد على الواقع


مقدمة عن المجموعة القصصية "حكايات قبل الموت"

"حكايات قبل الموت" هي مجموعة قصصية مكونة  من 17 قصة قصيرة، كتبت في 152 صفحة، تم نشرها من قبل المجموعة الدولية للنشر والتوزيع مشروع بورصة الأدب. تجد في ثنايا تلك الصفحات صورا درامية من الواقع الذي نعيشه في إطار تراجيدي سوداوي في مجمله، قد يصل إلى مرتبة الرعب النفسي من هول حديث النفس وخباياها التي احتوتها تلك القصص، كتبتها الكاتبة مُكَرّمْ خلف، وهي كاتبة شابة من زهور فلسطين العطرة في الثلاثينات من عمرها، تعمل كمصممة جرافيك، وكنا قد قدمنا في "مجلة أفنان" لقاء معها.. لقراءته تفضل من هنا.

محتوى الكتاب

هذا الكتاب خطته الكاتبة بحبر من روحها، فهي لم تحكِ الحكايا بل قد بَنَتْها من لَبِنات المجتمع لتضعك داخلها. كتاب حمل من سوداوية المجتمع الكثير، فكانت دعوى لللاستسلام للواقع والانتحار، أو التمرد وإحداث الفوضى لتحقيق الذات والهروب من الخنوع.

احتوى الكتاب على القصص التالية:

الآثمة، و العرافة، و خربشات ملعونة، و حاجز، و ذات، و نصف شهيدة، و تفاحة آدم، و رابعهم كلبهم، و رسائل إلى ابنتي، و ثوب أبيض، و أفروديت، و بين نارين، و إعدام، و حلم نازف، و عزيزة، و انهيار، و ثورة.

تحتوي كل قصة على جزء من الكاتبة، تم وضعه في إطار رواية مجتمعية تروى على لسان شاب أو شابة تعرض للظلم فأثر على روحه لدرجة توصله إلى افتعال الفوضى. لكن خلال قراءتي وجدتني أميل إلى أن الكاتبة اتخذت في كل قصة جانبا روحيا مختلفا من المرأة وكوّنت حوله قصة، حتى في تلك القصص التي تروى على لسان رجل، فشكلت في النهاية رسما يحوي أطيافا عديدة من المرأة.

حكاية "نصف شهيدة"

لم تتوقف أبدا الكاتبة عند أية حدود في خوض التفاصيل، فلقد كانت الجرأة ميزة لقلمها دون الابتذال في الوصف، وإن كنت لم أحبذ ذلك، كما لم أحبذه يوما في الكتب التي أقرأها. هذا وقد ألبست بعضا من قصصها قليلا من ثياب الواقع الفلسطيني وهو أمر لمسني فعلا.

حكاية "عزيزة"

لفت انتباهي أن الكاتبة لم تتكلف في النصوص، فلقد حافظت على بساطتها، إلا أنها قد قدمت في كل قصة حكاية لم نعتدها، أو قدمتها بطريقة لم نعتدها، فكانت صفحاتها غنية بمادة نتوق لتذوق كلماتها وتتبع الأحداث حتى النهاية في فضول وشوق لأسلوبها المميز في وضع نهايات صادمة لكل حكاية.

حكاية "رسائل إلى ابنتي"


الانطباع

لم أحب الغلاف بتاتا، فلم أراه معبرا عن المحتوى، وقد أزعجني ذلك فعلا، فمما علمت من قلم الكاتبة مكرم خلف، أعلم أن الغلاف لن يعبر ولو بقدر ضئيل عما كتبت، ولو أنه تم اختيار قصة من القصص ليتم تشكيل الغلاف من خلاله لكان أولى. كما أن اسم الكاتبة باللغة الإنجليزية لم يكتب بشكل صحيح.

أكثر القصص التي أحببتها فيما قدمته، بل ولمست قلبي بها جدا هي: نصف شهيدة، رسائل إلى ابنتي، عزيزة، ثوب أبيض. بينما لم أحب قصة انهيار، وأفروديت.

لقد لمست معظم القصص مشاعري، لدرجة البكاء في القصص التي أشرت لها سابقا فيما أحببته من الحكايا، خاصة حكاية "رسائل إلى ابنتي" .. يا إلهي كم أبدعت الكاتبة في تلك القصة وحبكتها ولغتها وحديث النفس فيها، ومما يجب ذكره أن تلك القصة بدأت حكايتها مع الكاتبة منذ زمن، حيث أنها تكتب على مواقع التواصل الاجتماعي خواطر بعنوان #رسائل_إلى_ابنتي، وهي خواطر رائعة تمس المشاعر.

أما حكاية نصف شهيدة فلها مذاق آخر.. مذاق حب مشبع بالبارود والضعف. وأما حكاية "ثوب أبيض" فهو ثوب نقي غير مدنس، يحاول المجتمع بجهالته وتنمره تدنيسه دائما إلا أن طهارته تنكّس جميع المحاولات.

وأخيرا "عزيزة"، حكاية حاكتها خرافات المجتمع من خيوط الجهل والتنمر، لتأخذها عزيزة ثوبا يحميها من المجتمع... 

في المقابل، حكاية "أفروديت" فهي رواية قد تكون واقعية، لكني لمست فيها أدب الرعب الذي لم أراه يناسب قلم تلك الكاتبة، شأنها شأن حكاية "انهيار" التي لم ترُق لي بتاتا لا في موضوعها ولا في نهايتها.

أخيرا أقول أن تلك المجموعة من الحكايا وإن بدت متنوعة ومتفرقة في المواقف والمعاني، إلا أنك فعليا تستطيع قراءتها كرواية مكتملة الأركان، فهي كمشاهد من بيوت مختلفة ضمن مجتمع واحد. وإني لأعتقد أنها لو نقحتها وربطت بين المشاهد لاكتملت الرواية بحبكتها ونهايتها.
10:29 م / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة