كل يوم نتناول على الأقل وجبتان
غذائيتان، قد تكون هذه الوجبات صحية أو غير صحية، أو خليط من الإثنين. ويكثر عند
البعض الاهتمام فقط بالسعرات الحرارية التي تعطيها كل وجبة ويحسبونها بدقة لا
متناهية، وينسون أن عليهم الإهتمام بالمكونات وفوائدها أكثر من القدر التي تعطيه
من السعرات الحرارية، لذا سأحدثكم عن مركبات كيميائية طبيعية موجودة في نظامنا
الغذائي اليومي، مهمة ومفيدة جدا لأجسادنا، نأكل منها يوميا لكن بنسب متفاوتة تبعا
للمكونات الغذائية المستعملة في الوجبة، إنها مركبات الفلافونويدات (Flavonoids).
إن الفلافونويدات عبارة عن مركبات عضوية نباتية، مواد صبغية، تعطي النباتات ألوانها المختلفة من أصفر وأحمر وبرتقالي وأزرق وبنفسجي، كما تعطيها الطعم المميز أيضا. فهي منتجات أيضية نباتية ثانوية؛ أي أنها تنتج بشكل طبيعي عن التفاعلات الكيميائية الحيوية داخل خلايا النبات، و تتواجد في ثمار وأوراق وبذور النباتات، لكن يكثر إنتاجها في الثمار لإعطاء هذه الثمار ألوانها الجذابة والمميزة.
تهتم مصانع الأدوية ومراكز الأبحاث
باستخدام هذه المركبات في تصنيع مركباتها الدوائية، حيث أن هذه المركبات تعمل
كعوامل مضادة للتأكسد؛ أي أنها تخلص الجسم من السموم وتراكماتها التي تحوي الجذور الحرة، و إذا قارنا
الفلافونويدات بفيتامين (هـ) وفيتامين (سي) كعوامل مؤكسدة، سنجد أنها أقوى في تأثيرها
من هذه الفيتامينات وبالتالي هي أكثر فائدة للجسم.
أعلم أن كلمة دهون قد جذبتكم، وقد
بدأتم تتساءلون عن ماهية الجذور الحرة، وقد يخطر ببالكم أنها جذور لكائن حي، لكن
فعليا هي ذرات (في الغالب تكون ذرات أكسجين) مشبعة بالإلكترونات، الأمر الذي
يجعلها ذات نشاط عالي تميل لإحداث تفاعلات شديدة القوة داخل الجسم. سأقرب لكم
الصورة أكثر، تخيلوا أنكم وضعتم بابا حديديا تحت ظروف الرطوبة والهواء وجميع
العوامل التي تساعده على الصدأ وسرعتم العملية كما نسرع أحداث فيلم، النتيجة ستكون
بابا صدئا مهترئا، إذا ما اقترب منه أحد سيقع فتاتا على الأرض، ذلك ما يحدث تماما
في خلايا أجسادنا إذا تعرضت لهذه الجذور الحرة، حيث تقوم بعمليات الأكسدة
والاحتراق داخل الخلايا بشكل كبير، الأمر الذي يؤدي للإضرار بصحة الخلايا وإحداث
خلل في وظائفها واحيانا خلل في المادة الوراثية نفسها مما يؤدي الى تحول الخلايا
الطبيعية إلى خلايا سرطانية.
لذا يعتبر تزايد تركز الفلافونويدات في
الجسم أمر إيجابي ذو منافع عديدة لجسد الانسان وصحته؛ حيث يساعد على تنشيط الدورة
الدموية وتوسيع الشرايين وتقوية الشعيرات الدموية وحمايتها من التهتك وبالتالي النزيف،
كما تمنع تكون التجلطات الدموية و تعمل على خفض تركيز الدهون والكولسترول وبالتالي
صحة القلب وقوته وصحة الجسد بشكل عام؛ خصوصا أن الدهون والكولسترول هي مرتع
الفضلات الأيضية الناتجة في الجسم لإنتاج الطاقة، و المواد الناتجة عن العلاج
بالأدوية. كما أنها تعمل على حماية المعدة من القرحة، و حماية الكبد وعلاجه من الإلتهاب
وتجديد خلاياه. بالإضافة إلى أنها تحمي الجسم من التهاب المفاصل (Arthritis). كما تقوم أيضا بحماية الجسد من الأشعه فوق البنفسجية وحماية
المادة الوراثية في خلايانا من حدوث الطفرات وبالتالي حدوث الأمراض الوراثية
والسرطانات، وتعمل على وقع نمو وتكاثر وانتشار الخلايا السرطانية.
نجد أن هذه الصبغات تكثر في بعض
النباتات مثل: الباذنجان، و الشاي (خصوصا الشاي الأخضر)، و التوت، والفراولة،
والكاكاو، و القرفة، و العنب والتفاح والزعرور. ولأن الجسد يحتاج تراكيز كبيرة من
الفلافونويدات لعلاج الأمراض حين يعاني الجسد منها، مهما كان تركيزها مرتفع في
النباتات، اتجهت مصانع الأدوية لاستخلاص هذه المواد من النباتات و تركيزها في
كبسولات، وبدأت الأبحاث المتنوعة لايجاد المصادر الأفضل لذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.