إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 1 مارس 2016

شجرة المورينجا MORINGA شجرة المعجزات

كم منا يعلم عن تواجد شجرة المعجزات؟ كلا إنها ليست شجرة تعليق الاماني و تحقيق الأحلام، لكنها شجرة تقدم كل ما يلزم الفقراء من احتياجات غذائية تغنيهم عن جميع أنواع الطعام، ولأن لها فوائدها التي لا تحصى ولخدماتها الإنسانية العديدة أسموها شجرة الحياة وشجرة الفقراء، هل عرفتم تلك الشجرة؟ إنها شجرة المورينجا (Moringa spp.).
لشجرة المورينجا أسماء أخرى عديدة منها: شجرة اليسر، و الحبة الغالية، و الثوم البري، و فجل الحصان (Horseradish) أو الفجل الحار وذلك كناية عن جذرها المنتفخ الشبيه بالفجل والذي يصنع منه توابل حارة للطعام. كما تسمى بشجرة اللبان، وهو الاسم الذي استخدمه الشعراء في أبياتهم، فشبهوا قوام الحبيبة بأغصان هذه الشجرة بقولهم (يا غصن اللبان) كناية عن قوامها الممشوق. أيضا سموها بالشجرة المعجزة، وذلك لأنكم لو قمتم بقطع ساقها، ستنمو مرة أخرى إذا لم يكن هناك أضرار في جذرها. كما أنها تتميز بسرعة نموها، حيث يمكن أن تنمو إلى طول 3 أمتار من زراعتها بذرة في فترة لا تتجاوز 8 اشهر، وتصل لطولها الأقصى (12 متراً) في أقل من ثلاث سنين وهذا ليس السبب الوحيد لتسميتها بذلك.
تنمو هذه الشجرة الفريدة في الأراضي القاحلة ذات المناخ الجاف في القارتين؛ الإفريقية والآسيوية، ولها اثنا عشر صنفا، أشهرها: (Morniga oliefera) المتواجد في جنوب الهند وفي بلاد الفلبين، و (Moringa peregrina) المتواجد في البلاد العربية الصحراوية كشمال وجنوب منطقة الحجاز، و (Moringa stenopetala) المتواجد في المناطق الإفريقية.
ولكن لم يقتصر استخدامها على أماكن تواجدها، فقد استخدمت المورينجا في بلدان عديدة؛ كألمانيا وفرنسا وإسبانيا وأمريكا والهند وسيريلانكا وتايلاند وماليزيا  وجنوب ووســـــــط أفريقيا، و قد استخدمها قدماء المصريين قبل ألاف السنيـن و قـيل أنهم استخدموهـــــــــا في الطب، وأن زيتهـــــا سر من أســــــرار التحنيط. كما تم إقبال الباحثين من جميع البلدان على إجراء الأبحاث المتعمقة على شجرة المورينجا، بينما من بين البلدان العربية برزت مصر والسعودية في نشر الأبحاث عنها و إقامة جمعيات تعنى بزراعة المورينجا وتوسيع المساحة المزروعة بها والتوعية بفوائدها الجمة.
قد تم استخدام جميع أجزاء هذه الشجرة كمصدر غذائي وصناعي؛ من أوراق وأزهار وثمار وبذور وأغصان غضة و سيقان و جذور وصمغ. فشجرة المورينجا –شجرة المعجزات- قادرة على إمدادنا بجميع المواد الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان و بكميات مكثفة ومضاعفة لتلك المتواجدة في أي نبات آخر، فهي تملك –على سبيل الذكر لا الحصر- من الفيتامينات (أ، ب1، ب2، ب3، سي، وإي) و من الأملاح و المعادن (الكالسيوم، و المغنيسيوم، و الحديد، و الكروم، و المنغنيز، و الفسفور، و الزنك)، كما تملك البروتينات و الزيوت و الأحماض الدهنية –غير المشبعة- و  الألياف و الكربوهيدرات. فعلى سبيل المثال؛ 100 ملغم من أوراق المورينجا تعطي ضعفي بروتينات 100 غم من اللبن الرايب، وأربع مرات من الكالسيوم في 100 غم من الحليب، و أربع مرات ما يعطيه 100 غم  موز من البوتاسيوم، و أربع أضعاف كمية فيتامين أ الموجود في 100 غم جزر، وتلاثة أضعاف فيتامين سي الذي يحتويه 100 غم من البرتقال. و قد سجلت  أعلى تركيزات العناصر الغذائية في المورينجا، فتمثلت في الحديد والمنجنيز والنحاس بالأوراق، أما أعلى تركيزات الأحماض الأمينية بمسحوق الأوراق والسوق فقد سجلت للأحماض الأمينية التالية: اليوسين (Leucin) والأيزوليوسين (Isoleucin) والجلوتامين (glutamin) والأسبارتك (Aspartic acid). أما الكيلو الواحد من أوراقها فإنه يحتوي على 260 غم من البروتينات.  أيضا تحتوي بذور المورينجا على زيت يضاهي في قيمته الغذائية زيت الزيتون حيث أنه غني بمضادات الأكسدة، وبالتالي فهو مقاوم للتزنخ، بالإضافة إلى احتوائه على الأحماض الدهنية المسماة بالأوميغا (Omega) بأنواعها الثلاثة؛ أوميغا-3 و أوميغا-6 بكمات قليلة، و أوميغا-9 (Oleic acid) بكميات وافرة، بينما يتم انتاج أوميغا-3 وأوميغا-6 بكمية وافرة في الأوراق وكميات قليلة من أوميغا-9، حيث تعمل هذه الأنواع الثلاثة جنبا إلى جنب على سلامة الخلايا ووحدتها و بالتالي سلامة وظائف الأعضاء بالإضافة إلى عملها المهم جدا في خفض مقاومة الجسم للأنسولين وتنظيم مستويات السكر في الدم.  ولا ننسى ذكر احتوائها على الجلايكوسيدات (Glycosides) التي تعمل على خفض الضغط والفلافونويدات (Flavonoids) التي تعمل كمضادات أكسدة وبالتالي تعمل على إزالة السموم من الجسد ومعالجة الكبد. ويتعبر أهم مركب بين المركبات هو السايتوكاينين (Cytokinin)؛ وهو هرمون نباتي أثبتت الدراسات تأثيره الرائع على تجديد خلايا الجسد البشري وتسريع شفاء الجروح بالإضافة إلى تأثيره على مركب السايكلو-أوكسيجينيز (COX) المسؤول عن تعرض الجسم لنوبات الحساسية و أعراضها من الألم والحمى، لذا فمستخلصات نبات المورينجا تستخدم في علاج الحساسية و الربو.

وبسبب احتواء أجزاء المورينجا على هذا الكم الهائل من العناصر الغذائية فقد استخدمت في الوجبات الغذائية اليومية، و في صنع الأعلاف للأسماك و الطيور الداجنة والحيوانات المجترة؛ فهي تعمل على زيادة وزنها بإمدادها بوجبات غذائية قيمة، و تزيد من إدرار الحليب في هذه الحيوانات وبالتالي زيادة إنتاجيتها في الحالتين من حليب ولحوم. بالإضافة إلى استخدام خلاصة أجزاء المورينجا كسماد ومضاد للبكتيريا والفطريات في النباتات الأخرى، مصدر طبيعي مئة بالمئة وبالتالي التخفيف من الهرمونات الصناعية التي تضر بالنبات أولا وبمن يتغذى على هذه النباتات ثانيا.
أيضا كان للمورينجا دورا مهما في الطب والعلاج منذ القدم، فقد استخدمت لإدرار الحليب لدى المرضع، و لمن يعاني من سوء التغذية والأنيميا، و إدرار إفرازات الصفراء (المرارة) وإدرار البول، و معالجة قرحة المعدة، و الضغط و أمراض القلب والأعصاب والهستيريا. وبدلا من العقاقير المستخدمة بكثرة والمنتشرة في الأسواق والتي تكون الوفاة إحدى نواتجها، استخدمت المورينجا في معالجة نقص السائل المنوي لدى الرجال، و التحكم بالشهوة الجنسية. وبسبب امتلاكها خواصا ضد التأكسد و الإلتهابات و الجراثيم والفطريات؛ فإنها تستخدم كعلاج للروماتيزم والنقرص و الصدفية، والزحار الأميبي والسل واليرقان والملاريا والكوليرا والأمراض التي تنتقل بالجنس، وطرد الديدان المعوية، والسرطانات و الأورام. كما أنها تمتلك مركبات مقاومة للتحسس، لذا فإنها تستخدم كعلاج للربو والتهاب الشعب الهوائية. كما يجب ذكر استخدامها في علاج مرض السكري و تنظيم مستويات السكر في الدم. ولأنها تعطي طاقة بدون استهلاك السكر؛ فإنها فعالة في إنقاص الوزن. كما استخدمت لعلاج مرض الإسقربوط الناتج عن نقص فيتامين سي وأمراض العيون الناتجة عن مرض الإسقربوط، وطول الإصابة بمرض السكري.
أما صناعيا فقد كان للمورينجا نصيب كبير في العديد من الصناعات؛ فقد استخدم زيتها لصناعة الصابون والإضاءة (فزيتها قابل للاحتراق شأنه شأن زيت الزيتون الذي استخدم قديما لإضاءة الفوانيس، كما أنه يحترق بلا دخان أو رائحة)، و أيضا لتزييت ماكنات المصانع، و صناعة ألوان الرسم. كما استخدمت في صناعة مستحضرات التجميل والعناية بالجلد و الشعر. كما استخدمت في صناعة العطور بسبب الرائحة الرائعة التي تمتلكها أزهارها وزيتها،  كما يستخدم مطحون البذور لتنقية المياه؛ من الشوائب، والمواد الكيميائية الخطيرة، وتعقيمها من البكتيريا بأرخص الأثمان. كما يستخدم صمغ المورينجا الناتج عن الجروح التي تصيب ساقها في صناعة الأصباغ و دباغة الجلود، و يستخدم ساقها ولحاءها في صناعة الورق والحبال.
أما عن طريقة استخدام المورينجا في الطعام والوجبات الغذائية فهناك عدة طرق؛ إما أن تستعمل أوراقها كأوراق الشاي، فيتم غلي الماء ووضع الاوراق في الماء المغلي لفترة وتحليته بالعسل، أو أن تغسل الأوراق و تجفف جيدا و من ثم تطحن  لترش على الطعام بمقدار ملعقتي طعام، وهذا يضيف نكهة لذيذة على الطعام أيضا، شأنها شأن جميع النباتات الورقية التي نأكلها. أما زيتها فيستعمل في القلي، أو في السلطات. كما تستعمل جذورها المنتفخة الشبيهة بالفجل بتقطعيها و وضعها على الطعام بعد غسلها جيدا فطعمها كالتوابل. أما بذورها فتؤكل كالبازيلاء أو تؤكل  بعد تحميصها كالفستق، كما تخلل ثمارها أو تقطع وتغلى كالفاصولياء، فشكلها شبيه بقرون الفاصولياء والبازيلاء والفول، أما طعمها فشبيه بالهليون، وأيضا تستخدم في صنع الحساء و الصلصات الهندية. ولا ننسى أزهار المورينجا، فطعم أزهارها عندما تطهى شبيه بفطر المشروم.
قد بدأت شركات الأدوية المهتمة بتصنيع المكملات الغذائية فعليا باستخدام المورينجا كمنتج قديم-جديد لديهم كمكمل غذائي ومصدر طبيعي للفيتامينات بتركيزات مرتفعة. كما قامت مصانع المستحضرات التجميلية قد أدخلت المورينجا في الكريمات والشامبوهات والعطور، و تتم الدراسات والأبحاث حاليا على استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي.

والآن، هل عرفتم لم سميت بالشجرة المعجزة؟ أنهي كلامي بتسبيح الخالق الذي خلق فأبدع، وجعل من مخلوقاته لوحات رائعة لنتأمل فيها، فتبارك الله أحسن الخالقين.
10:34 م / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة