إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 17 أبريل 2018

في عيد الأم لدي حكاية

طيلة الأيام التي حييتها أحببت أمي.. تعلقت بها..
رغم غضبها مني ورغم رفضها للعديد من الأمور التي أردتها..
فطرت على حب أمي ..
في مراهقتي تمردت وغضبت وبكيت من قوانينها .. لكن في جوف إحدى الليالي سمعت أمي تدعو لي "يا رب تهديها وتحميها وتخليلي ياها" ... في ذلك الوقت رميت كل أفكاري واعتنقت حب أمي باختياري..
كوني أصغر فرد في عائلتي أمضيت معها معظم الأوقات بينما  تفرق الإخوة في الأرض .. نسعى. أصبحنا رفيقتين بعد وفاة والدي.
ما أجمل رفقة الأم... تبوح بما في داخلك دون خوف من غدر أو إحداث مصيبة... تتكلم في مملكتك.. فؤاد أمك الذي يصغي إليك رغم انشغاله بإخوتك.
كنا نقتسم حبات الشوكولا رغم بخلي أمام إغواء الشوكولا. ونخرج سوية إلى أي مكان... 
كنت أحاول دائما أن أجلب لها هدية...لكنها كانت ترفض أي هدية.. كانت تجدني أحق بأي شئ أجلبه لها ..حتى أيام الأعياد وكان ذلك يسبب الضيق لي.
لا أدعي علاقة خالية من العيوب.. وأنني الابنة المثالية
وذلك تماما ما أندم عليه..

بعد شهرين أكون قد أتممت سنتي الأولى في مدرسة الأمومة.
مررت بتجربة الحمل والولادة التي لم تكن طبيعية في شقائها وصعوبتها علي وأحداثها التي كانت بعضها مريرة جدا
ثم واجهت مشاكل عديدة وصعوبات تكبر كل يوم.
كنت أعلم جهد أمي في حملي وتربيتي وإنشائي وتعليمي وحمل مسؤوليتي طيلة تلك السنوات
لكن الواقع مختلف عن الإدراك تماما... كل يوم مررت به فكرت بها... في حملي قلت "لقد ثقل وزنها وهي تحملني بين اضلعها أياما طوال وهي تربي إخوتي وتقوم بكل مسؤولياتها ... ولم تستطع أن تأكل أياما عديدة بسببي...ثم... كبرت لأقول لها اتركيني وشأني... لا تتدخلي فيما أفعل...  يا ويلي مما فعلت ..كيف تجرأت بعد كل هذا التعب لتراني أمامها أن أقف أمامها هذه الوقفة!!!" بكيت كثيرا كلما فكرت في الأمر.
وحين ولادتي.. عانيت الأمرّين ووصلت إلى الموت وعدت منه لأجدني أقول في نفسي "غدا ستكبر ابنتي وتواجهني وتقول لي ما شأنك؟ اذهبي عني... أنا حرة نفسي.... ولن تفكر حتى في كل ما عانيته فقط لأراها بين ذراعي".
وفي كل يوم تكبر فيه أبذل ما في استطاعتي لأرعاها جيدا ..فما عدت أحس بما يدور حولي...وانشغلت عن نفسي وكل ما أردت... حتى أني ما عدت أتناول الفطور أو أشرب الماء. خسرت خصوصيتي وعقلي ووقتي لتملكهم ابنتي...
أنظر لها فأرى الدنيا فيها فأذكر أمي ... لقد كانت مثلي
وما زالت تراني صغيرة وتراقبني أكبر.

بالله عليكم .. أبعد كل ذلك أرى أمي وأسمعها من خلال عيد أسموه عيد الأم ؟ أأذكرها وأتصل بها من غربتي في هذا اليوم فقط؟ أم أذكرها وأدعو لها ليوم واحد؟ 
وهل هدية يوم واحد تكفي أمي؟ أم أن هدايا الأكواب الزجاجية وأواني المطبخ هي الهدايا الملائمة؟

إني أرى ذلك قمة في العقوق..
فالأم تريد أن تكلم أولادها وتراهم كل يوم، وأن يذكروها كل يوم في دعائهم وصلواتهم، ويدعونها إلى مائدة تليق بمقامها الرفيع، ويهدونها ما نسيت وانشغلت عن شرائه لنفسها دائما.
أخبروني كم من شخص قد لاحظ ما ينقص والدته من أشياء؟ 
هل خطر ببال أحد أن يأخذها من يدها إلى الطبيب ليراها؟ أو أن يحجز لها عمرة أو حجا أو سفرا تريح فيه بالها وفؤادها

عيد الأم عيد العقوق والتبجح أمام من فقدوا أمهاتهم.. وإن كنت أقول لها كل عام وأنتِ بخير يا أمي فقط لئلا تقول في نفسها "كل الأمهات اليوم سمعن كلمة كل عام وأنتي بخير يا أمي إلا أنا قد نسوني أولادي"

لم ولن أنساكي يوما يا أمي فاطمئني فإن الله رزقني ابنتي لأراكِ وأشعر بك في كل لحظة، ولساني دائم الدعاء لك بالحفظ 
وإن لم أكن أراك في عيني... فإني أراكِ في فؤادي 
فسامحيني على كل مرة قد قصرت بها في حقك واحتجتني ولم أكن بجانبك أرعاكِ.

أستودعك في حفظ الله ورعايته دائما ... وسخر لك من هم أفضل مني ... وجزاكي الله عنا كل خير

#أفنان_زعيتر #مجلة_أفنان #أمي #عيد_الأم

1:59 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة