“بحكي معك… بتسمعش ولا بتفهمش!!!” ثم يبدأ الشتم أو الضرب…
باتت أن تكون سيرة ذاتية لدى البعض أو جدول أعمال لدى بعض آخر.
اعتراض على منشور أو اعتراض على طريقة سياقة أحدهم أو برنامج تلفزيوني أو قرار حكومي أو اختيارات أحدهم أو انتقاد سافر لديانة ما أو اعتقاد أو حتى ترحم على شخص.
لم تعد لغة التفاهم متاحة بين الأفراد، هناك خلل واضح، وكأن كل فرد يتكلم لغة أخرى. لغة الحوار معدومة، بل حلّ محلها لغة الجدال والردح والسخرية ولغة الضرب أيضا.
أرى أحدهم يرثي طفلا مات في حرب ضمن منشور على أحد مواقع التواصل، فيدخل أحدهم ليلقي سهمه فيجادل “لماذا لا تتكلم عمن مات في الحرب الفلانية؟؟؟؟ ” … وكأنه لزاما على من تكلم في موضوع أن يتكلم في كل المواضيع مثل (مسبّع الكارات). قد يكون هذا الشخص لا يحب التكلم في السياسة أو التحيز لطرف .. أو قد يرى الأطراف جميعهم مذنبين..
أو أن أحدهم يرثي موت عالم .. فيدخل آخرون ليذموه بأنه رثى كافرا ملحدا…
عفوا منكم.. ما شأن أي كان في ديانة أي شخص مادام يحترم ديني ويحترمني، أم يجب أن أوقد النار تحت قدر العنصرية لتغلي وتفور وتحرق من حولها؟
وإن تكلم أحدهم وذكر تجربته المريرة مع شخص أو جهة معينة (مستشفى، مدرسة، حضانة، ….الخ) ينتقدونه؛ فهو قد أساء إلى سمعة الشخص أو الجهة، أو أنه ليس من حقه الكلام فتجارب الآخرين جيدة، وقد يبدأ الذم والشتم… لماذا تقفلون فمه؟ قد يريد أن يحذركم أو يريد فقط أن يشكي ألمه، أم أن الشكوى باتت نوعا من أنواع الحرام والخطيئة.
وقد يأتي أحدهم ليشتم الحكومة أو جهة معينة… لماذا تشتم؟ أصلح من نفسك أولا… فلولا أنك اتخذت العلاقات سبيلا للدعم وغرتك المناسف والعزائم لما وصل الذين تعترض عليهم إلى مناصبهم. بل قد تكون فعليا أنت السبب في اتخاذهم هذه الطرق سبيلا لهم لرضائك ومباركتك لما يفعلونه.
الكل يشتكي والجميع يشتم، ولم يفكر أحدهم أن يقف أمام المرآة ويصلح من نفسه. الوطن أرض ومجتمع، والمجتمع مكون مني أنا وأنت، فإن أصلحنا أنفسنا صلح المجتمع وتقدم الوطن…. أليس شعارنا الأردن أولا
إن المؤمنين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فإن فسدت إحدى لبناته أصاب البنيان الخلل وقد يقع…
ألم يخطر ببالك أنك تنجرف بعواطفك لتصم آذانك وتحرمك حاسة السمع وموهبة الاستماع؟ استمع لما يقوله الآخرون فذلك من شأنه أن يحل المشكلة القائمة.
أيها الطبيب استمع لما يقوله لك المريض فهو أدرى بآلامه منك، عندها ستعرف كيف توقف تلك الآلام. لكنك لن تستطيع ذلك حين تأخذ كلمات متقطعة وتشكلها في جملة تفيدك أنت وحدك في تقليص الوقت والجهد المبذولان اتجاه مريضك…وتزيد عدد زياراته لك. هو ليس كثير الشكوى… أنت من لا تسمع.
أيها الوالد…استمع لما يقوله لك ابنك، حتى وإن كان في الحضانة، ولا تتهمه بالكذب دون أن تتحرى، فحتى إن كانت مخيلته واسعة فهو لن يكذب… لا ترسخ لديه تلك العادة….
وأنت يا من تخوض شبكات التواصل جيئة وذهابا… لا تقذف الآخرين بحجارك، فقد تكون إحدى حجارك كفيلة بإنهاء حياة أحدهم بظلمك أو بقذفك أو بتكذيبك أو بنهرك أو كتمان معلومة أحدهم المفيدة عن الآخرين…
لماذا لا نتشارك تجاربنا ونقوم بعضنا بدلا من الهجوم واستخدام الأسلحة بأنواعها… سواء كانت كلمات أو سكاكين أو سيوف أو قبضة اليد
الروح مقدسة عند خالقها لذلك قال تعالى ” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ ”
إن لم نحسن الاستماع لبعضنا ونحسن التفاهم فذلك كفيل في هدم الأسر وقيام الحروب وهدم الدول؛ فالتفاهم والاحترام أساس التعايش بين الأفراد والديانات والثقافات المختلفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.