إعلان رأس الصفحة

الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

قصة قصيرة: ليلة شتاء قارصة



كانت السماء تذرف دموعها بغزارة، كيف لا وقد كانت أقسى ليالي الشتاء. 
بقيت تلك الحبات تطرق زجاج النافذة بإصرار طوال الليل، والريح لم تقتصد جهدا في الغناء والعواء والشجار مع حبات المطر. 
سمرت الفتاة نظرها إلى سقف غرفتها مرتجفة وعيناها ممتلئة بالدموع. كانت ليلة شديدة الظلمة وموحشة، لكنها يجب أن تكمل دراسة ما لديها من أوراق، ففي اليوم التالي لديها امتحان نهائي. طرقت الأفكار البائسة رأسها؛ هل زملائي أيضا يرتجفون من البرد مثلي!! لا أعتقد ذلك... وإن كان هناك فعلا من يعاني فلن تكون معاناته بقدري... يداي تيبستا من البرد المقبع على الغرفة... وها قد بدأ العفن يكسو ذلك السقف المبلل من الرطوبة...
سقطت دموعها باردة جدا ... وحرقت بشرتها في مجراها، ثم قررت الاستمرار بالقراءة بالرغم من عدم استيعابها لأي كلمة درستها أو حفظتها ..
بقيت على هذا الحال طوال الليل.. ولم تستطع إنهاء ما لديها من أوراق. ذهبت في اليوم التالي إلى الامتحان لتجد أن كل الأسئلة كانت من المقالات المرفقة وليست ضمن ذلك الكتاب.. تلك المقالات التي لم تفهم منها شيئا.. كيف لا وقد تولى الطلاب شرحها ولم يتقن أحدهم شرح أي منها، ولم يكن الأستاذ مهتما بذلك... فمن منظوره أن الفهم من مسؤولية الطالب وحده، وهو عليه وضع الامتحانات فقط.
كانت مدة الامتحان ساعتين أحستها وكأنها دهر لا يريد أن ينتهي. كان الطلاب حولها يغشون من بعضهم فنظرت إليهم شزرا ولم تستطع الاقتناع بأن ذلك ما سيجعلها تنجح.
خرجت آخر الطلاب من القاعة، فمبدأها أن تستغل الوقت الذي هو من حقها في التفكير لعلها تفعل شيئا ككل مرة وتجد وسيلة للتوصل للإجابة الصحيحة... لكن لم تفلح في شيء.
بعد أيام .. بحثت عن علامتها.... لقد حصلت في تلك المادة على درجة C ، وفي المقابل حصلت في المادة الأخرى على درجة A.... جلست تفكر طويلا... 
هذا ما جنيته في الفصل الأول، فهل أكمل بعد رسوبي في إحدى المادتين أم أقلع عن فكرة الدراسة! من النقيض إلى النقيض .. من النجاح بتفوق إلى الرسوب .. اه يا إلهي كيف رسبت في تلك المادة بينما كانت لدي بضع علامات أستطيع النجاح بها! لو أني فقط تخلصت من هذه المادة...
يا رب هل علي إكمال التحدي أم علي الانسحاب خوفا من السقوط مرة أخرى!
بعد تفكير استغرق أيام الإجازة قررت...
لقد نجحت بتفوق في مادة اعتقد أني لن أجد أصعب منها ولا أكثر قسوة في التدريس من أستاذها، لقد درست كتابا علميا من أكثر من 1000 صفحة بتمعن وحضرت مقالات عديدة وقدمتها أمام الطلاب بنجاح لتضاف ما لدي ما مقالات وما لدى الطلاب إلى الامتحان ... واستطعت النجاح
سوف أكمل هذا التحدي .. لن أجعل أحدا يثنيني عن ذلك
سوف أنجح في رحلتي العلمية...
عادت الفتاة إلى الدراسة والاجتهاد والنجاح المتتالي إلى أن أتى اليوم الموعود... لقد انتهت من كل المواد وبقي عليها أن تعيد تلك المادة فقط.... 
أنا خائفة... هذا الأستاذ لن يتوانى عن جعل اي أحد لا يعجبه في حالة رسوب ... هل سأفشل مرة أخرى!!!
ااااه كفى... سأبذل جهدي وأرى ماذا سيحدث... لن يخذلني الله
درست الفتاة بكل ما لديها من طاقة وحضرت مقالا صعبا وقدمته إلى الطلاب كمحاضرة امامه. أثبتت نفسها بكل ما أوتيته من قوة... وأتى الامتحان النهائي... كانت مستعدة جدا .. وكما كان متوقعا أعاد الأستاذ تكرار نمط أسئلته...
أجابت بكل ثقة .... وبعد أيام رآها مشرفها فسأله ماذا فعلت في الامتحان؟ فأجابته بكل ثقة وسرور بأنها حصلت على درجة ب+ ، فدهش من ذلك، فمع أنه اعتاد منها العلامات المتفوقة إلا أنه كان يعتقد أن الخلل عند الرسوب سابقا كان منها ..
فهنأها ومضى، وبقيت هي في فرحتها مسرورة، فقد فازت بالتحدي.

#مجلة_أفنان #أفنان_زعيتر #قصة_قصيرة #التحدي #الفشل #النجاح
12:40 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة