منذ أيام كانت ذكرى وفاة والدي..
قد فارقنا منذ 21 سنة
وما زلت في كل مرة أدعو له بالرحمة والمغفرة ثم أجد عقلي يحاول تجاهل الأمر
ما زال الأمر موجعا، وما زالت نظرته الأخيرة ترافقني
لقد أمضى معي ليلته دون التفات لأحد
وأنا التي أضعت يومي في الدراسة لامتحان لم ينفعني يوما
أتى إلي يتفقدني في غرفتي عدة مرات ويسألني إن كنت قد انتهيت
كان عمري 13 عاما ... ومع سقوط أوراق تشرين سقطت ورقة أبي
كم ظننت أني استطعت تجاوز الأمر ... كنت حمقاء أخدع نفسي، كنت أصنع امرأة خارقة من الكرتون...
خرجت ليلتها من غرفتي على صوت ضوضاء لأجده يحمل شيئا يلف نفسه به من البرد ويهم بالخروج إلى المستشفى مع أخي..
التف إلي دون أن يتكلم.. بل عض على شفاه ... ونظر إلي بنظرة حدثني بها عن أشياء كثيرة في وقت لا يتسع لرشفة شاي
رحل ولم تزل نظرته محنطة في ذاكرتي ...
عدت في تلك الليلة إلى سريري أختبئ فيه.. وحالة انتباه تعتريني... ثم جاء أخيرا صوت الهاتف....
سمعت حوارا طمأنني بأنه بخير فذهبت في سلام في رحلة نوم ... فغدا لدي امتحان
لا أدري كيف سمعت ذلك الحوار... لم يكن ذاك الحوار حقيقيا...
لقد كانت الحقيقة شيء آخر...
رحل أبي قبل فجر لم يبزغ بعده أبدا
والآن بعد 21 سنة ما زلت أتساءل عما حدثني به... لم أكن قد تعلمت لغة العيون جيدا..
أتراه كان يعتذر أنه لن يكون بجانبي بعد ذلك!
أم تراه أوصاني ألا أثق بعجوز بعده وألا أحاول أن أراه في أي أحد!
اعذرني يا أبي فمن شوقي إليك حاولت رؤيتك فيمن لا يستحقون غبار حذائك فكيف حبك وحنانك
اعذرني فلم أكن أعلم أنه برحيلك سيرحل الصدق والأمانة معا
اعذرني أني لم أفهم كلماتك حين كنت تقول "ابن الحرام مش بأصله... ابن الحرام بفعله" .. لقد كنت صغيرة ولم أكن أدري كم أن الحياة فيها درجات من الألوان كلها باللون الأسود
اعذرني أني لم أفهم نظرة اعتذارك إلا بعد أيام.. بعد أن خبت بركان الحزن في داخلي
اعذرني أني لم أقبل حذاءك الطاهر ... فلم تحدثني نفسي يوما عن فكرة رحيلك يوما... لأفقد فرصتي في تقديسك يا أبي
اعذرني.. اعذرني
لعلي ألتقي بك وقد سامحتني
سأبقى أرددها ولن أشعر يوما أني اكتفيت
#أفنان_زعيتر #مجلة_أفنان #اعذرني_يا_أبي #رحيل_أبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.