أمضيت الكثير من عمري في وسائل المواصلات.
بدأ ذلك منذ كنت في المدرسة أتنقل من منطقة إلى أخرى، ثم استمر ذلك وتطور لأتنقل من مدينة إلى أخرى حين كنت أدرس في الجامعة، ثم حين كنت أذهب إلى العمل.
كنت أمضي أكثر من ساعتين ذهابا ومثلهما إيابا... لقد كان ذلك بمثابة رحلة الشتاء والصيف لي وتحد كبير لاستغلال الوقت.
في البداية كنت أحب الترحال وإمضاء الوقت في حافلة على طريق سريع. الفكرة بحد ذاتها كانت ممتعة بالنسبة لي. كنت أمضي وقتي بمراقبة الطريق، وتأمل اللافتات، وألوان السيارات ووجوه الناس داخلها، أو أفتح ذلك القفص لعقلي وأفكاري، فاهتزاز الحافلة مع قليل من الهواء كاف ليمنحني بعض السلام. أو أستمتع بالمطر يغسل نوافذ الحافلة ويطرق سقفها.
وأحيانا كنت أمضي وقت الترحال في الحديث مع رفيقة؛ وكم من قصة رويت في تلك الرحلات وكم من ضحكة أطلقت بين الرفيقات.
وأحيانا كنت أحظى بفرصة التعرف على فتاة غريبة، وأحيانا أخرى بالدراسة أو النوم، أو الراحة من عناء يوم طويل من العمل، أو الاستغفار.
تعلمت أن أتأقلم مع الوضع تبعا لاحتياجاتي. لكن أجمل تلك الرحلات هي التي أمضيتها في التعرف على الغرباء.
لقد كونت بعضا من الصداقات عبر لقاء أو أكثر في حافلة، و لعل هذه الصداقات هي الأنقى فقد بنيت على الصدفة.
كما أن الحديث مع الغرباء له نكهته الخاصة، فأبواب القلب تفتح دون تردد لتقول ما بداخله... دون تفكير أو حساب .. دون خوف من تناقل الكلام أو إثارة الفساد.. مجرد لقاء عابري سبيل...
في البداية كنت أحب الترحال وإمضاء الوقت في حافلة على طريق سريع. الفكرة بحد ذاتها كانت ممتعة بالنسبة لي. كنت أمضي وقتي بمراقبة الطريق، وتأمل اللافتات، وألوان السيارات ووجوه الناس داخلها، أو أفتح ذلك القفص لعقلي وأفكاري، فاهتزاز الحافلة مع قليل من الهواء كاف ليمنحني بعض السلام. أو أستمتع بالمطر يغسل نوافذ الحافلة ويطرق سقفها.
وأحيانا كنت أمضي وقت الترحال في الحديث مع رفيقة؛ وكم من قصة رويت في تلك الرحلات وكم من ضحكة أطلقت بين الرفيقات.
وأحيانا كنت أحظى بفرصة التعرف على فتاة غريبة، وأحيانا أخرى بالدراسة أو النوم، أو الراحة من عناء يوم طويل من العمل، أو الاستغفار.
تعلمت أن أتأقلم مع الوضع تبعا لاحتياجاتي. لكن أجمل تلك الرحلات هي التي أمضيتها في التعرف على الغرباء.
لقد كونت بعضا من الصداقات عبر لقاء أو أكثر في حافلة، و لعل هذه الصداقات هي الأنقى فقد بنيت على الصدفة.
كما أن الحديث مع الغرباء له نكهته الخاصة، فأبواب القلب تفتح دون تردد لتقول ما بداخله... دون تفكير أو حساب .. دون خوف من تناقل الكلام أو إثارة الفساد.. مجرد لقاء عابري سبيل...
كنت أيضا أجد متعة في مراقبة وجوه الآخرين؛ هذا متعب، وهذا غاضب، وذاك يراقب الفتاة عن كثب، وتلك لا تنفك عن الحديث في محمولها في صوت خافت تكاد لا تسمعه هي نفسها. ولعل أكثر الوجوه إدهاشا هو ذاك السائق الذي يمارس السياقة بمهارة، فهو يكلم من بجانبه، ويتناول القهوة، وينظر في المرآة مراقبا للجماهير إلى جانب إصداره بعض الزمامير للسيارات الأخرى إما تحية وإما سبابا وإما اعتراضا....وينسى مراقبة من يريد النزول في خضم مراقبته لإحداهن.
ولعل أغرب تلك الوجوه هو حامل كوب القهوة ذو الرائحة الفواحة المغرية في صباح يوم من أيام الشتاء، يترنح وكوب قهوته دون أن تسقط منه قطرة، ثم يرتشف منه بهدوء ليدفئ صدره، ويبقي على الكوب بين كفيه ليشعر ببعض الدفء.
ولعل أغرب تلك الوجوه هو حامل كوب القهوة ذو الرائحة الفواحة المغرية في صباح يوم من أيام الشتاء، يترنح وكوب قهوته دون أن تسقط منه قطرة، ثم يرتشف منه بهدوء ليدفئ صدره، ويبقي على الكوب بين كفيه ليشعر ببعض الدفء.
كل وجه من تلك الوجوه اتخذ سمات وصفت شخصيته، إما المكر وإما الخبث وإما الطيش وإما الانطواء او... أو ...
ووجدت أن الوجوه تتشابه... فهناك أنماط محددة رسمت بها الوجوه.. تصف سمات كل فئة، ثم تدخل تلك التفاصيل الصغيرة لتميز كل شخصية عن الأخرى.
ووجدت أن الوجوه تتشابه... فهناك أنماط محددة رسمت بها الوجوه.. تصف سمات كل فئة، ثم تدخل تلك التفاصيل الصغيرة لتميز كل شخصية عن الأخرى.
راقبت وجوه الشبان أثناء نظرهم لفتاة غير محتشمة... لقد كانت خالية من الإعجاب...كانت من نوع آخر...
في تلك اللحظات كان تفكيري يتسمر ... هل كانت هذه الفتاة تنتظر لفتات ونظرات الاعجاب فقط؟ يا إلهي لو تدري كيف نظروا إليها...
في تلك اللحظات كان تفكيري يتسمر ... هل كانت هذه الفتاة تنتظر لفتات ونظرات الاعجاب فقط؟ يا إلهي لو تدري كيف نظروا إليها...
تغيرت مع مرور الوقت .. ولم أعد تلك الفتاة التي تحب الترحال..
لقد أصبحت رحلة الشتاء والصيف ثقيلة على كاهلي.. لم أعد أستطيع الجلوس بهدوء فهناك آخرين يقفون فوق رأسي ويتدافعون، وأصبحت الحافلات مختلفة... فنوافذها لا تفتح إلى جانبي، وأصبح ذاك الشاب العائد من عمله يحرقنا بدخان سجائره لغضبه من رئيسه أو حبيبته، وبدأ بائعوا العطور باقتحام هدوء الحافلة ونثر تلك الروائح القبيحة غصبا فوق رؤوس الراكبين.
حطموا قدسية المكان وهدوئه، ونثروا به المشاكل والأصوات التي تعلو مثل باعة الخضراوات في الأسواق.
وأصبح سائق سيارة الأجرة يتكلم بالتهديد والتنديد وأن وقوفه كان صدفة أو كرم أخلاق منه، بعد أن كان السائق يحمي من كان معه أو يسرد له أحاديث النجاح أو الصبر أو حتى درسا دينيا.
لقد أصبحت رحلة الشتاء والصيف ثقيلة على كاهلي.. لم أعد أستطيع الجلوس بهدوء فهناك آخرين يقفون فوق رأسي ويتدافعون، وأصبحت الحافلات مختلفة... فنوافذها لا تفتح إلى جانبي، وأصبح ذاك الشاب العائد من عمله يحرقنا بدخان سجائره لغضبه من رئيسه أو حبيبته، وبدأ بائعوا العطور باقتحام هدوء الحافلة ونثر تلك الروائح القبيحة غصبا فوق رؤوس الراكبين.
حطموا قدسية المكان وهدوئه، ونثروا به المشاكل والأصوات التي تعلو مثل باعة الخضراوات في الأسواق.
وأصبح سائق سيارة الأجرة يتكلم بالتهديد والتنديد وأن وقوفه كان صدفة أو كرم أخلاق منه، بعد أن كان السائق يحمي من كان معه أو يسرد له أحاديث النجاح أو الصبر أو حتى درسا دينيا.
فقد كل شيء معناه وأصبح عبئا ثقيلا... ما عادت الدنيا نفسها ولا بات الناس ولا الأماكن كما كانوا....
غابت الرفيقات وتغيرت الشخصيات واختلفت الحافلات
غابت الرفيقات وتغيرت الشخصيات واختلفت الحافلات
لقد عزفت عن الترحال..
#مجلة_أفنان #أفنان_زعيتر #الترحال #رحلة_الشتاء_و_الصيف #وجوه_غريبة #وجوه_مقنعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.