إعلان رأس الصفحة

الاثنين، 10 أغسطس 2020

أيام الحداد الثلاث


غريب هو الموت
يأخذ أحدهم
فيقتل النفوس
ويجمع الأبدان..
وتتلاقى الأنظار في انكسار
وهناك نفوس شامتة.. تندس بين الحاضرين
لم يعلموا أن الموت آت للجميع..
ولا يعلم أحد هيئته حين زيارته
----
يخيم الصمت عند ذهاب الروح
ويصبح الجسد مريبا غريبا رغم ثبات الملامح
جسد لا يتحرك .. مستلق على طاولة الغسل
يغتسل من غبار الدنيا ... ثم يخرج للقاء أعماله
يحمله كثيرون.. أقرباء أو قد يكونون غرباء
يخرجون خلفه كأنه يقتادهم إلى بيتهم الذي أضلوه
ينزلوه في الحفرة ليضمه التراب الذي خلق منه
كمن يعود إلى حضن أمه بعد غياب..
فإن كان للخير فاعلا ضمته وكانت أحضانها جنته
وإن كان للشر عابدا ضمته أمه ضمة العقاب على ما اقترف

يبكي الناس من حوله دون أن يعرفوا السبب
هل هو الفراق أم تذكرهم أنه المصير المعهود
المصير الذي نسوه أو تناسوه
ثم يعودون إلى بيت العزاء ...
يظنون وجودهم تخفيفا عن عناء الأهل...
لكن الحقيقة أن انشغال الأهل بالكلام وتقديم الواجب لهم هو سبب انشغالهم المؤقت عن الإحساس بالغياب
فلا يستطيع أحد أن ينزع الحزن الذي غرس مسموما في القلب والروح ... هذا كذب وافتراء

ثم ينتهي الحداد..
ثلاثة أيام من الانشغال...
تشعر بعدها العائلة بالمصاب
لكن رحمة الله كانت بسن الحداد ثلاثة أيام
فهي الأقوى في الصدمة إذا هدأ الإنسان واستشعر بما حصل
بعد الثلاثة أيام يتفرغ للحزن
ويختنق بعبراته .. وتُغتال كلماته
فيجلس في صمت ... يستحضر الذكريات

مشوار مدته ثلاثة أيام... طويل جدا
قد تتواجد فيهم وجوه كثيرة
قد تصدم بالعدد المهول للمعزين الذين لا تعرفهم
وقد لا يتواجد أحد للعزاء
كل تبعا لم كان يفعل المتوفى في حياته

لو حاول أحدهم الانتباه والتأمل فيما يحصل
سيصاب بالاندهاش
أيام غريبة... لا يفهمها أحد
وتمر مرور الكرام وتذهب
وقد لا يذكرها بتفاصيلها أحد

تلك الأيام ما هي إلا اللحظات الجامعة بين دنيا الفناء وبرزخ الآخرة
فاصل يُغيّبُ عنه الكثيرون
مشاهد لا يرى تفاصيلها إلا ذوي البصيرة
فجوة زمنية تفتح وتغلق وتسرق الأرواح

3:21 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة