يوم عاشوراء بين الدين والتاريخ والمعجزة

 

يوم عاشوراء بين الدين والتاريخ والمعجزة

كان يوما عظيما، يوم آمن بنوا إسرائيل وسجد السحرة لرب موسى -كليم الله وحامل صحف التوراة-.
فهرب موسى مع من آمن به نبيا وبالله ربا من بني إسرائيل من ظلم فرعون الذي أبى أن يتركهم وشأنهم بعد كانوا يعبدونه. كيف يتركهم يفلتون منه! ذلك من شأنه زعزعة ألوهيته في أعين قومه ومن بقي من بني إسرائيل.
فوصل موسى عليه السلام والمؤمنين إلى البحر (ويقال أنه البحر الاحمر، حيث كان نبي الله ومن معه يهربون من مصر إلى فلسطين)، فحوصروا من فرعون وجنوده من خلفهم والبحر من أمامهم، حتى أوحى الله إلى موسى أن يضرب بعصاه البحر، فنفذ أمر الله، فإذ بالبحر ينحصر عن طريق ليعبره موسى ومن معه.
"فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ " [الشعراء : 63]
ورغم خوف فرعون وجنوده مما حصل إلا أن غروره منعه من التوقف فلحق بموسى في ذاك الطريق، فعاد البحر لينغلق على فرعون وجنوده فغرقوا. وبينما كان فرعون يغرق صرخ بشهادته إيمانا برب موسى وبني إسرائيل متخليا عن غروره بعد فوات الأوان.
وقد نجى الله جثة فرعون لفظها البحر بعدما غرق لتكون عبرة للعالمين.

"وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)" سورة يونس.

وقد قيل أن الله نجى جثة فرعون من البحر لأن بنوا إسرائيل لم يقنعوا بموته. وقيل أن الله أنجى جثته لأنه آمن في لحظاته الأخيرة. لكن الآيات القرآنية أوضحت السبب، بأن الله اراده أن يكون عبرة وعظة للآخرين.

ويقال أن جثة فرعون موجودة للآن وهي المومياء الفرعونية لرمسيس الثاني الذي مات في عام 1225 قبل الميلاد. والتي أثبتت الفحوصات لهذه الجثة أنها ماتت غرقا بالفعل.
(للاستزادة راجعوا ما كتبه الدكتور رشدي البدراوي- أستاذ بجامعة القاهرة وباحث وكاتب إسلامي في موقع موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة)

ولما كان ذاك اليوم نجاة لبني إسرائيل فقد أصبح يوما يصومه اليهود من كل عام، حتى أتى نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام بعد هجرته إلى المدينة المنورة، والتي كان فيها العديد من القبائل اليهودية، ورأى اليهود يصومون في هذا اليوم، وعندما استفسر عن ذلك وعلم السبب قال: (أنا أحق بموسى منكم) وأقر صيام يوم عاشوراء للمسلمين كإحدى السنن المؤكدة، تعظيما لما حدث في هذا اليوم من معجزات، واستكمالا للدين الذي دعا إليه موسى وهو توحيد الله دون شريك له.

أخرج البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_ قَال:َ "قَدِمَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَال:َ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى - زاد مسلم في روايته: "شكراً لله _تعالى_ فنحن نصومه"، وللبخاري في رواية أبي بشر "ونحن نصومه تعظيماً له"-. قَال:َ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم.ْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" في رواية مسلم: "هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، وغرَّق فرعون وقومه".