إعلان رأس الصفحة

السبت، 22 ديسمبر 2018

قصة قصيرة - روح طاهرة

في تلك البلاد الغريبة، وجدت فرصة عمل لها في مجال جديد كانت تتوق إليه... 
ذهبت في يومها الأول يتراقص قلبها فرحا وحماسا إلى تجربتها الجديدة في جسد ما زال منهكا من ألمه..
كانت تتوق إلى ما ينسيها جرحها وألمها بفقدان جنينها... فارتضت تلك الفرصة لبداية جديدة
اعتقدت أن ذلك المكان البسيط سيكون ملاذا لها، لكنها كانت ساذجة بأمنياتها... لقد نست كيد النساء والرجال 
نست ما يمكن أن تخبئه نفوس كانت تعتبر أقرب من الروح

عزمت أمرها على كسب ودّ الجميع..لكن ظهر الكيد منذ البداية... 
استغربت لتلك الجرأة في البوح عما في النفس من حسد، مواقف وكلمات واضحة لا تحتاج إلى أي تفسير.. لكنها حاولت احتواء من حولها

لكن هيهات... فالنفوس قد تراكم داخلها الحقد والغل والحسد والشعور بالنقص... تركيبة غريبة !! 
فهل يطهر النفس من سوادها المعاملة الحسنة؟ لكان المتنبي كاذبا في قوله "إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا"... ولن يستطيع العطار إصلاح ما أفسده الدهر من نفوس قد هتكتها الخطيئة تلو الخطيئة وما عادت تعرف حلالا أو حراما
تركض خلف مصالحها وتأبى أن تترك أحدا في سلام يكسب رزقا حلالا.. 
تأبى النفوس السوداء إلا أن تشد الآخرين إلى القاع... وإن عجزت تحاول قتلهم

اعتقدت أن في محاولة إثبات قدرتها على العمل رغم اختلاف مجالها خلاصا لها من هول ما ترى حولها، وأنها ستنال رضا صاحب العمل فيكون حمايتها.... لكن النفوس الشريرة أبت إلا أن تطال ما علا فوقها 
ففي لحظة ضُربت إنجازاتها عرض الحائط وتمت إهانتها
ولم تدرِ كيف يفضل من هم في علٍ أولئك الفشلة ذوي الأخطاء الكبيرة والخسائر الفادحة على من أحيا لهم ذلك العمل من بين القبور

عزمت تلك الفتاة إلا أن تحفظ كرامتها وترمي بكل شيء خلفها ... ضربت كل ما كان عرض الحائط واحتسبت أجرها عند الله ليعوضها عن عمل أخذ من روحها ... فسرقه آخرون ليبرزوا به فيظنونه إنجازا لهم بعد أن كانوا لا يفقهون في العمل شيئا ....
رفعت يدها إلى السماء وقالت "حسبنا الله ونعم الوكيل" أملا في إله لم يخذلها يومها ليعيد لها ما سُرق وينزل العقاب بمن ظَلم...
ما أصعب الظلم على نفوس متعبة ... أنهكتها الغربة والوحدة 
من أناس تظن بأنهم ملائكة الله على الأرض لتجدهم شياطين من بطن سابع أرض
تخطيط ووقاحة وتعدٌٍ... مواقف عديدة قررت الترفع عنها

كان درسا صعبا لتلك الفتاة ألا تعتقد أن المعاملة الحسنة سببا في طهارة نفس من الغل... وألا ترى الطيبة والقدوة في أحد فالدنيا من المتغيرات ولا يؤمن جانبها
خسرت تلك الفتاة ما بنت بيديها ... لكنها كسبت روحها حين رمت كل شيء سلبي خلفها
كانت بداية جديدة لها وجدت فيها روحها التي أضاعتها منذ زمن .. فاحتضنتها في سلام وطهرتها مما شابها من دنس الآخرين
12:09 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة