إعلان رأس الصفحة

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

مقال - الله يستر عليكي

"الله يستر عليكي"
بقلم "أفنان زعيتر"
نشرت في موقع سواليف

"نحن مجتمع محافظ"... تتردد هذه الكلمات كثيرا دون أن تتقاسم تشابها مع واقعنا، فنحن نغوص في التناقض بين ما نقول ونعتنق وما نفعل، فنحن ندّعي أننا محافظون، وهذا في ذاته قمة التناقض.

نحن قوم نمنع الفتاة من السفر بغرض الدراسة أو العمل، أو الخروج للتنزه، وقد نمنعها من دخول الجامعة أو العمل لمنعها من الاختلاط بالذكور، وننتهك حرمة حياتها تحت مسمى جرائم الشرف التي تحدث بسبب اختلاط إحدى فتيات العائلة مع أحد الشبان، أو بسبب  قيام إحدى فتيات العائلة بالاتفاق على الزواج مع أحد الشبان قبل تقدمه رسميا للعائلة، أو بسبب رفض الفتاة الزواج غصبا من شخص لا تطيقه لأن ذلك معناه أنها تحب شخصا آخر.
بالمقابل نقوم بتخريج أطباء ذكور مختصون بالأمراض النسائية والتوليد للكشف على الفتاة أو الزوجة في مكان عفتها وسترها تحت مباركة ذكور العائلة.
ويبدأ المشوار بمواجهة الفتاة هتك سترها بدءا من لحظة زواجها؛ فما زال هناك عائلات تخرق جدار الخصوصية المغلظ في ليلة الزفاف لتشاهد عفتها نساء العائلة للتأكيد بأنها عفيفة طاهرة، ثم تحتاج الزوجة لطبيب نسائي فيتم أخذها لزيارة طبيب نسائي ذكر للكشف النسائي، فيقف الزوج وأمه أو أمها في عيادة الطبيب أثناء الكشف دون خجل من كشف تناقضهم علنا في الخوف على شرفهم وكشفه أمام ذكر غريب يشاهدونه يقوم بالفحص النسائي. 
ثم تحمل الزوجة.. ويأتي وقت الولادة.. وهذه قصة أخرى.. فهنا ترجو بعض السيدات عدم تواجد الذكور أثناء ولادتها سواء ولادة طبيعية أو ولادة بعملية قيصرية، فتختار تلك السيدات طبيبة أنثى للولادة، وتتفق معها على عدم تواجد أي ذكر أو حتى أنثى لا يتوجب وجودها، فتكتشف السيدة أثناء ولادتها أن الستر قد تم هتكه مع سابق الإصرار، فقد تجلس مع السيدة أقارب العائلة متربصات، لا يخجلن من التواجد أثناء الفحص المتكرر للتأكد من من حلول الوقت لخروج الطفل إلى النور، ثم تكتمل الصورة المشوهة في غرفة الولادة أو غرفة العمليات بوجود طبيب تخدير ذكر، أو ممرض ذكر، وقد ترجو تغطية باقي جسدها أثناء العملية، فيجيبونها بنعم ويفعلون العكس تماما.
ولا ينتهي الهزل هنا، فأولئك الذكور الذين دخلوا عليها في غرفة العمليات يسخرون من رجائها المتكرر بسترها ويتذرعون بعدم تواجد سوى موظفين ذكور أو عدم كفاية الموظفات الإناث. وحتى أولئك النسوة الكبار في السن اللواتي يخضعن لعمليات جراحية يسخرون من طلبهن بتغطية باقي أجسادهن جيدا أثناء العملية بأنهن كبيرات في السن ولن ينظر إليهن أحد. لا تتم تلبية مطالب النساء بالستر الذي ما زالوا يكررونه على ألسنتهم عند طلبهم الزواج أو القيام بجريمة شرف.

ما أعبر عنه لا دخل له بدين أو شرع أو صحة فعل، وإنما أعبر عن تناقض بين أفعال المجتمع وأقواله ومبادئه وآرائه، و سلب حقوق نساء وهن في قمة ضعفهن. ولست أعمم على الجميع، وإنما أقول أن الظاهرة منتشرة بشكل كبير.

وهنا أضحك كثيرا على مجتمعنا الذي يدعو للفتاة بقوله : "الله يستر عليكي" وكل ما أراه أن الستر في مجتمعنا يبدأ انتهاكه بالزواج.

12:23 ص / by / 0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزي الزائر، اترك تعليقا، عبر عن نفسك وشاركنا برأيك.

إعلان أسفل الصفحة